للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

عن معمر الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو، وفيه: فحلقت قبل أن أرمي. وتابعه على ذلك محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن عيسى عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - – وأتاه رجل – فقال: يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي، قال: ارم ولا حرج. قال: وأتاه آخر فقال: إني أفضت قبل أن أرمي، قال: ارم ولا حرج، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع. على أنه لا يلزم من سقوط الدم بفقد الشيء في وقته سقوطه قبل وقته. فإنه لو حلق في العمرة بعد السعي لا شيء عليه، وإن كان الحل ما حصل قبله، وكذلك في مسألتنا إذا قلنا إن الحل يحصل بالحلق فقد حلق قبل التحلل ولا دم عليه، فأما إن فعله عمدًا عالمًا بمخالفة السنة في ذلك ففيه روايتان: إحداهما لا دم عليه، وهو قول عطاء وإسحاق لإطلاق حديث ابن عباس، وكذلك حديث عبد الله بن عمرو، من رواية سفيان بن عيينة، والثانية عليه دم، روى نحو ذلك عن سعيد بن جبير وجابر بن زيد وقتادة والنخعي، لأن الله تعالى قال {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} (٢: ١٩٦) ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رتب وقال: خذوا عني مناسككم. والحديث المطلق قد جاء مقيدًا فيحمل المطلق على المقيد. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسئل عن رجل حلق قبل أن يذبح؟ فقال: إن كان جاهلاً فليس عليه، فأما التعمد فلا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل فقال: لم أشعر، قيل لأبي عبد الله سفيان بن عيينة لا يقول: لم أشعر، فقال: نعم ولكن مالكًا والناس عن الزهري: لم أشعر. وهو في الحديث. وقال مالك: إن قدم الحلق على الرمي فعليه دم، وإن قدمه على النحر أو النحر على الرمي فلا شيء عليه، لأنه بالإجماع ممنوع من حلق شعره قبل التحلل الأول ولا يحصل إلا برمي الجمرة، فأما النحر قبل الرمي فجائز، لأن الهدي قد بلغ محله، ولنا الحديث، فإنه لم يفرق بينهما، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له في الحلق والنحر والتقديم والتأخير فقال: لا حرج، ولا نعلم خلافًا بينهم في أن مخالفة الترتيب لا تخرج هذه الأفعال عن الأجزاء ولا يمنع وقوعها موقعها، وإنما اختلفوا في وجوب الدم على ما ذكرنا، والله أعلم، فإن قدم الإفاضة على الرمي أجزاه طوافه، وبهذا قال الشافعي، وقال مالك: لا تجزئه الإفاضة فليرم ثم لينحر ثم ليفض، ولنا ما روى عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له رجل: أفضت قبل أن أرمي؟ قال: " ارم ولا حرج ". وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من قدم شيئًا قبل شيء فلا حرج ". رواهما سعيد في سننه، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه آخر فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج، فما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج. رواه أبو داود والنسائي والترمذي – انتهى. وقد ظهر بما ذكرنا من كلام القرطبي وابن دقيق العيد وابن قدامة والحافظ أنه لم يقل بظاهر أحاديث الباب وعمومها أحد من الأئمة بل خالفتها المالكية والحنفية في بعض الأمور كما سيأتي، نعم عمل بعمومها الشافعية والحنابلة كما سيأتي أيضًا، قال الدردير: يفعل في يوم النحر أربعة أمور مرتبة الرمي فالنحر فالحلق فالإفاضة، فتقديم الرمي على الحلق والإفاضة

<<  <  ج: ص:  >  >>