واجب وما عداه مندوب – انتهى. وحاصله أن تقديم الرمي على الحلق والإفاضة واجب يجبر بالدم وأما تقديمه على النحر أو تقديم النحر على كل واحد من الحلق والإفاضة أو تقديم الحلق على الإفاضة فمستحب، فالمراتب ستة، الوجوب في اثنين والندب في أربعة، ومذهب الحنفية على ما قال ابن عابدين هو أن الطواف لا يجب ترتيبه على شيء من الثلاثة، وإنما يجب ترتيب الثلاثة الرمي ثم الذبح ثم الحلق لكن المفرد لا ذبح عليه فيجيب عليه الترتيب بين الرمي والحلق فقط، وحاصله أنه لا يجب الدم بتقديم الطواف على الثلاثة، والمفرد ليس عليه الذبح، وإنما يجب الترتيب في الثلاثة على القارن والمتمتع، فإن قدم المفرد الحلق على الرمي فعليه دم ولو حلق القارن أو المتمتع دون المفرد قبل الذبح أو ذبح قبل الرمي فعليه دمان، دم للقران أو التمتع. ودم لهذه الجناية، سواء كان عامدًا أو جاهلاً أو ناسيًا. وقال النووي: الأعمال المشروعة يوم النحر أربعة: الرمي ثم الذبح ثم الحلق ثم الطواف، وهي على هذا الترتيب مستحبة، فلو خالف فقدم بعضها على بعض جاز وفاته الفضيلة، وقال أيضًا: السنة ترتيبها هكذا فلو خالف وقدم بعضها على بعض جاز ولا فدية عليه لهذه الأحاديث، وبهذا قال جماعة من السلف وهو مذهبنا – انتهى، وفي كشاف القناع من فروع الحنابلة: وإن قدم الحلق على الرمي أو على النحر أو طاف للزيارة قبل رميه أو نحر قبل رميه جاهلاً أو ناسيًا فلا شيء عليه، وكذا لو كان عالمًا، لكن يكره ذلك للعالم، وإن قدم طواف الإفاضة على الرمي أجزأه – انتهى. وكذا في منتهى الإرادات والروض المربع، هذا، وقد احتج لما روى الأثرم عن أحمد من تخصيص الرخصة بالناسي والجاهل دون العامد بقوله في رواية مالك: لم أشعر، كما تقدم، وبقوله في رواية يونس: فما سمعته سئل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور على بعض أو أشباهها إلا قال: افعلوا ولا حرج. وأجاب بعض الشافعية بأن الترتيب لو كان واجبًا لما سقط بالسهو كالترتيب بين السعي والطواف فإنه لو سعى قبل أن يطوف وجب إعادة السعي، قال: وأما ما وقع في حديث أسامة بن شريك (الآتي في الفصل الثالث) فمحمول على من سعى بعد طواف القدوم ثم طاف طواف الإفاضة فإنه يصدق عليه أنه سعى قبل الطواف أي طواف الركن. قال الحافظ: ولم يقل بظاهر حديث أسامة إلا أحمد وعطاء فقالا: لو لم يطف للقدوم ولا لغيره وقدم السعي قبل طواف الإفاضة أجزأه. أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عنه – انتهى. وقال الخطابي في المعالم (ج ٢: ص ٤٣٣) : أما قوله: سعيت قبل أن أطوف. فيشبه أن يكون هذا السائل لما طاف طواف القدوم قرن به السعي، فلما طاف طواف الإفاضة لم يعد السعي، فأفتاه بأن لا حرج، لأن السعي الأول الذي قرنه بالطواف الأول قد أجزأه، فأما إذا لم يكن سعى إلى أن أفاض فالواجب عليه أن يؤخر السعي عن الطواف، لا يجزيه غير ذلك في قول عامة أهل العلم، إلا في قول عطاء وحده فإنه قال: يجزئه، وهو قول كالشاذ لا اعتبار له – انتهى.