للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ".

ــ

حتى اختلط عليهم الأمر وصادفت حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريمهم، وقد تطابق الشرع، وكانوا في هذه السنة قد حرموا ذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرنا، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الاستدارة صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السموات والأرض، وقال أبو عبيد: كانوا ينسؤن أي يؤخرون، وهو الذي قال الله تعالى فيه {إنما النسيء زيادة في الكفر} فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم فيؤخرون تحريمه إلى صفر، ثم يؤخرون صفرًا في سنة أخري فصادف تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه – انتهى. وقال البيضاوي: كانوا إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه وحرموا مكانه شهرًا آخر حتى رفضوا خصوص الأشهر واعتبروا مجرد العدد – انتهى. فكأن العرب كانوا مختلفين في النسيء، والله تعالى أعلم (السنة) إلخ، أي السنة العربية الهلالية. قال الطيبي: جملة مستأنفة مبينة للجملة الأولى (منها أربعة حرم) قال تعالى {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} (سورة التوبة، الآية ٣٦) قال البيضاوي: أي بهتك حرمتها وارتكاب حرامها، وقال الحافظ: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} أي في الأربعة باستحلال القتال. وقيل: بارتكاب المعاصي (ثلاث) هو تفسير الأربعة الحرم (متواليات) أي متتابعات. قال الطيبي: اعتبر ابتداء الشهور من الليالي فحذف التاء، وقال ابن التين: الصواب ثلاثة متوالية يعني لأن المميز الشهر قال: ولعله أعاده على المعنى، أي ثلاث مدد متواليات – انتهى. قال الحافظ: أو باعتبار العدة مع أن الذي لا يذكر التمييز معه يجوز فيه التذكير والتأنيث (ذو القعدة) بفتح القاف وقد يكسر، شهر كانوا يقعدون فيه عن الأسفار (وذو الحجة) بكسر الحاء وقد تفتح (والمحرم) عطف على ذو القعدة. قال الحافظ ذكرها من سنتين لمصلحة التوالي بين الثلاثة، وإلا فلو بدأ بالمحرم لفات مقصود التوالي، وفيه إشارة إلى إبطال ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من تأخير بعض الأشهر الحرم فقيل كانوا يجعلون المحرم صفرًا ويجعلون صفر المحرم لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يتعاطون فيها القتال فلذلك قال متواليات. وكانوا في الجاهلية على أنحاء منهم من يسمى المحرم صفرًا فيحل فيه القتال ويحرم القتال في صفر ويسميه المحرم، ومنهم من كان يجعل ذلك سنة هكذا وسنة هكذا، ومنهم من يجعله سنتين هكذا وسنتين هكذا، ومنهم من يؤخر صفرًا إلى ربيع الأول وربيعًا إلى ما يليه، وهكذا إلى أن يصير شوال ذا القعدة، وذو القعدة ذا الحجة، ثم يعود فيعيد العدد على الأصل – انتهى. (ورجب مضر) عطف على ثلاث، ومضر على وزن عمر غير منصرف قبيلة عظيمة، وأضاف الشهر إليها لأنها كانت تشدد في تحريم رجب وتحافظ على ذلك أشد من محافظة سائر القبائل من العرب ولا توافق غيرها من العرب في استحلاله (الذي بين جمادى) بضم الجيم وفتح الدال وبعده ألف ورسمه بالياء (وشعبان) وصفه بكونه بين جمادى وشعبان لزيادة البيان وتوكيده كما قال في أسنان الصدقة: فإن لم تكن ابنة مخاض

<<  <  ج: ص:  >  >>