ذا الحجة؟ " قلنا: بلى. قال: " أي بلد هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: " أليس البلدة "؟ قلنا: بلى. قال " فأي يوم هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: " أليس يوم النحر؟ " قلنا: بلى. قال:
ــ
(ذا الحجة؟ قلنا بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:) بلا فاء (أليس) أي البلد (البلدة) قال الخطابي: يقال: إن البلدة اسم خاص بمكة وهي المرادة بقوله تعالى {إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة}(سورة النمل الآية ٩١) وقال الطيبي: المطلق محمول على الكامل وهي الجامعة للخير المستجمعة للكمال كما أن الكعبة تسمى البيت ويطلق عليها ذلك، كذا في الفتح. وقال التوربشتي: قيل إن البلدة اسم خاص لمكة عظم الله حرمتها، ويؤيد ذلك هذا الحديث، ووجه تسميتها بالبلدة وهي تقع على سائر البلدان أنها البلدة الجامعة للخير المستحقة أن تسمى بهذا الاسم لتفوقها سائر مسميات أجناسها حتى كأنها هي المحل المستحقة للإقامة بها من قولهم بلد بالمكان أي أقام (قال: فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم) إلخ. وفي البخاري من حديث ابن عباس أنهم قالوا: يوم حرام. وقالوا عند سؤاله عن الشهر: شهر حرام، وعند سؤاله عن البلد: بلد حرام، وعند البخاري أيضًا من حديث ابن عباس: وظاهرهما أي ظاهر حديثي أبي بكرة وابن عباس التعارض، والجمع بينهما أن الطائفة الذين كان فيهم ابن عباس أجابوا، والطائفة الذين كان فيهم أبو بكرة لم يجيبوا بل قالوا: الله ورسوله أعلم. أو تكون رواية ابن عباس بالمعنى، لأن في حديث أبي بكرة عند البخاري في الحج وفي الفتن أنه لما قال: أليس يوم النحر؟ قالوا: بلى. فقولهم ((بلى)) بمعنى قولهم يوم حرام بالاستلزام، وغايته أن أبا بكرة نقل السياق بتمامه، واختصر ابن عباس، وكأن ذلك كان بسبب قرب أبي بكرة منه لكونه كان آخذًا بخطام الناقة، وقال بعضهم: يحتمل تعدد الخطبة، فإن أراد أنه كررها في يوم النحر فيحتاج لدليل، فإن في حديث ابن عمر عند البخاري في الحج أن ذلك كان يوم النحر بين الجمرات في حجته، وقال الحافظ في كتاب الحج: قيل في الجمع بين الحديثين: لعلهما واقعتان، قال الحافظ: وليس بشيء لأن الخطبة يوم النحر إنما تشرع مرة واحدة، وقد قال في كل منهما أن ذلك كان يوم النحر، وقيل في الجمع بينهما أن بعضهم بادر بالجواب وبعضهم سكت، وقيل في الجمع أنهم فوضوا أولاً كلهم بقولهم: الله ورسوله أعلم، فلما سكت أجاب بعضهم دون بعض، وقيل وقع السؤال في الوقت الواحد مرتين بلفظين فلما كان في حديث أبي بكرة فخامة ليست في الأول لقوله فيه ((أتدرون؟)) سكتوا عن الجواب بخلاف حديث ابن عباس لخلوه عن ذلك، أشار إلى ذلك الكرماني، وقيل في حديث ابن عباس اختصار بينته رواية أبي بكرة فكأنه أطلق قولهم ((قالوا: يوم حرام)) باعتبار أنهم قرروا ذلك