٢٦٩٠ – قوله (نزول الأبطح) أي المحصب تعني النزول فيه (ليس بسنة) زاد في رواية أبي داود ((فمن شاء نزل ومن شاء لم ينزل)) قال القاري: ليس بسنة، أي قصدية أو من سنن الحج. وروى الشيخان عن ابن عباس، قال: ليس التحصيب بشيء. قال ابن المنذر: أي من أمر المناسك الذي يلزم فعله. وروى أحمد من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: ثم ارتحل حتى نزل الحصبة. قالت: والله ما نزلها إلا من أجلي. وروى مسلم وأبو داود وغيرهما من طريق سليمان ابن يسار عن أبي رافع قال لم يأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ولكن جئت فضربت قبته فنزل، وروى مسلم من طريق الزهري عن سالم أن أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون الأبطح. قال الزهري: وأخبرني عروة عن عائشة أنها لم تكن تفعل ذلك وقالت: إنما نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه. قال الحافظ: لكن لما نزله النبي - صلى الله عليه وسلم - كان النزول به مستحبًا إتباعًا له ولتقريره على ذلك وفعله الخلفاء بعده كما رواه مسلم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر ينزلون الأبطح. ومن طريق أخرى عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرى التحصيب سنة، قال نافع: قد حصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده. فالحاصل أن من نفى أنه سنة كعائشة وابن عباس أراد أنه ليس من المناسك فلا يلزم بتركه شيء، ومن أثبته كابن عمر أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله - صلى الله عليه وسلم - لا الإلزام بذلك، ويستحب أن يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت به بعض الليل كما دل عليه حديث أنس (المتقدم) وحديث ابن عمر – انتهى. قلت: نقل ابن المنذر الاختلاف في استحبابه مع الاتفاق على أنه ليس من المناسك. وادعى الحافظ زكي الدين المنذري استحبابه عند جميع العلماء، وكذلك ادعى قبله القاضي عياض. قال العراقي: فيه نظر، لأن الترمذي حكى استحبابه عن بعض أهل العلم، وقال النووي: إن عائشة وابن عباس كانا لا يقولان به، ويقولان هو منزل اتفاقي لا مقصود، فحصل خلاف بين الصحابة رضي الله عنهم، ومذهب الشافعي ومالك والجمهور استحبابه اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين وغيرهم. قال العيني: وهذا هو الصواب، وقد كان من أهل العلم من لا يستحبه فكانت أسماء وعروة بن الزبير رضي الله عنهما لا يحصبان، حكاه ابن عبد البر في الاستذكار عنهما، وكذلك سعيد بن جبير، فقيل لإبراهيم إن سعيد بن جبير لا يفعله، فقال: قد كان يفعله ثم بدأ له، وقد تقدم أن عائشة لم تكن تفعل ذلك. قلت: ومما يدل على استحباب التحصيب ما أخرجه الجماعة من حديث أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: نحن نازلون بخيف بني كنانة حيث تقاسمت قريش على الكفر يعني المحصب، وذلك أن بني كنانة حالفت قريشًا على بني هاشم أن لا يناكحوهم ولا يؤووهم ولا يبايعوهم وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال حين أراد أن ينفر من منى: نحن نازلون غدًا