للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

أن يكون ذلك التخمير سدلاً كما جاء عن عائشة. قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، أخرجه أبو داود وابن ماجة. وقال ابن المنذر أيضًا: لا نعلم أحدًا من أصحاب رسول الله رخص فيه يعني النقاب، ثم قال: وكانت أسماء بنت أبي بكر تغطي وجهها وهي محرمة، وروينا عن عائشة أنها قالت: المحرمة تغطي وجهها إن شاءت. وقال ابن عبد البر: وعلي كراهة النقاب للمرأة جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار أجمعين إلا شيء روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تغطى وجهها وهي محرمة، وعن عائشة أنها قالت: تغطي المرأة وجهها إن شاءت وروي عنها أنها لا تفعل وعليه الناس – انتهى. وهذا كله يدل على اتفاق العلماء على وجوب كشف وجهها وعلى أن لها أن تسدل الثوب وترخيه من فوق رأسها على وجهها للتستر عن أعين الناس كما يدل عليه حديث عائشة المذكور. وعليه يحمل ما روي عن فاطمة بنت المنذر وأسماء بنت أبي بكر. وقال ابن القيم: أما نهيه - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب وأن تلبس القفازين فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه فيحرم عليها فيه ما وضع وفصل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع، ولا يحرم عليها ستره بالمقنعة والجلباب ونحوهما، وهذا أصح القولين فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى بين وجهها ويديها ومنعها من القفازان والنقاب، ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها وأنهما كبدن المحرم يحرم ستررهما بالمفصل على قدرهما وهما القفازان، فهكذا الوجه إنما يحرم ستره بالنقاب ونحوه. وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام إلا النهي عن النقاب وهو كالنهي عن القفازين فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القفازين إلى اليد سواء، وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وقالت عائشة: كانت الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا، ذكره أبو داود. واشتراط المجافاة عن الوجه – كما ذكره القاضي وغيره – ضعيف لا أصل له دليلاً ولا مذهبًا. قال صاحب المغنى: ولم أر هذا الشرط – يعنى المجافاة – عن أحمد ولا هو في الخبر مع أن الظاهر خلافه فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة، فلو كان هذا شرطًا لبين، وإنما منعت المرأة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يعد لستر الوجه، قال أحمد: لها أن تسدل على وجهها من فوق، وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل، كأنه يقول: إن النقاب من أسفل على وجهها، تم كلامه. فإن قيل: فما تصنعون بالحديث المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها، فجعل وجه المرأة كرأس الرجل، وهذا يدل على وجوب كشفه؟ قيل: هذا الحديث لا أصل له أي في المرفوع ولم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها ولا يعرف له إسناد ولا تقوم به حجه، ولا يترك له الحديث الصحيح الدال على أن وجهها كبدنها، وأنه يحرم عليها فيه ما أعد للعضو كالنقاب والبرقع ونحوه، لا مطلق الستر كاليدين – انتهى. ونحو ذلك قال ابن تيمية. وأما لبس

<<  <  ج: ص:  >  >>