للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

............................................................................................

ــ

المرأة القفازين فمختلف فيه فذهب مالك وأحمد إلى منعه وهو أصح القولين عن الشافعي وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وعطاء ونافع وإبراهيم النخعي. وقال ابن المنذر: اتقاؤه أحب إليّ للحديث الذي جاء فيه (يعنى حديث ابن عمر الذي نحن في شرحه) وقال ابن عبد البر: الصواب عندي نهي المرأة عنه ووجوب الفدية عليها به لثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذهب آخرون إلى جوازه وحكاه ابن المنذر عن سعد بن أبي وقاص وعائشة وعطاء والثوري ومحمد بن الحسن، وحكاه النووي وغيره عن أبي حنفية. قال ابن عبد البر: ويشبه أن يكون مذهب ابن عمر لأنه كان يقول: إحرام المرأة في وجهها – انتهى. قال الولي العراقي: وهو رواية المزني عن الشافعي وصححه من أصحابنا الغزالي والبغوي، قال الرافعي: لكن أكثر النقلة على ترجيح الأول، وحكى الخطابي عن أكثر أهل العلم أنه لا فدية عليها إذا لبست القفازين وهو قول عند المالكية – انتهى. قلت: اتفقت فروع المذاهب الثلاثة على منع المحرمة من لبس القفازين واستدلوا لذلك بحديث ابن عمر الذي نحن في شرحه، ومذهب الحنفية على ما في البدائع أنه لا يكره لبس القفازين عندهم. قال الكاساني: وهو قول علي وعائشة. قال: وقال الشافعي: لا يجوز لحديث ابن عمر، ولنا ما روي أن سعد بن أبي وقاص كان يلبس بناته وهن محرمات القفازين ولأن لبس القفازين ليس إلا تغطية يديها بالمخيط وأنها غير ممنوعة عن ذلك فإن لها أن تغطيهما بقميصها وأن كان مخيطًا فكذا بمخيط آخر بخلاف وجهها، وقوله لا تلبسن القفازين نهي ندب حملناه عليه جمعًا بين الدلائل بقدر الإمكان – انتهى. وقال ابن القيم: تحريم لبس القفازين قول عبد الله بن عمر وعطاء وطاوس ومجاهد وإبراهيم النخعي ومالك والإمام أحمد والشافعي في أحد قوليه وإسحاق بن راهويه، وتذكر الرخصة عن علي وعائشة وسعد بن أبي وقاص وبه قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي في القول الآخر. ونهي المرأة عن لبسهما ثابت في الصحيح كنهي الرجل عن لبس القميص والعمائم، وكلاهما في حديث واحد عن راو واحد، وكنهيه المرأة عن النقاب وهو في الحديث نفسه، وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أولى بالإتباع، وهي حجة على من خالفها، وليس قول من خالفها حجة عليه. فأما تعليل حديث ابن عمر في القفازين بأنه من قوله فإنه تعليل باطل، وقد رواه أصحاب الصحيح والسنن والمسانيد عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث نهيه عن لبس القمص والعمائم والسراويلات وانتقاب المرأة ولبسها القفازين، ولا ريب عند أحد من أئمة الحديث أن هذا كله حديث واحد من أصح الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا إليه، ليس من كلام ابن عمر، وموضع الشبهة في تعليله أن نافعًا اختلف عليه فيه، ثم ذكر ابن القيم عن أبي داود والبخاري ما وقع من الاختلاف في رفعه ووقفه ثم قال: فالبخاري ذكر تعليله ولم يرها علة مؤثرة فأخرجه في صحيحه عن عبد الله بن يزيد عن الليث عن نافع عن ابن عمر – انتهى. ثم ظاهرقوله ولا تنتقب المرأة اختصاصها بذلك، وأن الرجل ليس كذلك وهو مقتضى ما ذكره أول الحديث فيما يتركه المحرم، فإنه لم يذكر فيه ستر الوجه. ومذهب الشافعي وأحمد والجمهور

<<  <  ج: ص:  >  >>