للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٠٤ - (٢) وعن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، وهو يقول: " إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين، وإذا لم يجد إزارًا لبس سراويل ".

ــ

أنه يجوز للمحرم ستر وجهه ولا فدية عليه، وفيه آثار عن الصحابة عثمان بن عفان وزيد بن ثابت، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى منعه كالرأس وهو رواية عن أحمد، وقالوا: إذا حرم على المرأة ستر وجهها مع احتياجها إلى ذلك فالرجل أولى بتحريمه. وتمسكوا أيضًا بقوله عليه الصلاة والسلام في المحرم الذي وقصته ناقته ولا تخمروا وجهه ولا رأسه. وأجاب الجمهور عنه بأن النهي عن تغطية وجهه إنما كان لصيانة رأسه لا لقصد كشف وجهه. ولا بد من هذا التأويل لأن المتمسكين بهذا الحديث وهم الحنفية والمالكية لا يقولون ببقاء أثر الإحرام بعد الإحرام بعد الموت لا في الرأس ولا في الوجه، والجمهور يقولون: لا إحرام في الوجه في حق الرجل فحينئذٍ لم يقل بظاهره أحد منهم، ولا بد من تأويله على أن المالكية قالوا إنه لا فدية في تغطية المحرم وجهه إلا في رواية ضعيفة جزم بها ابن المنذر عن مالك، وبنى بعضهم هذا الخلاف على أن التغطية حرام أو مكروهة، وحكى ابن المنذر عن محمد بن الحسن أنه إن غطى ثلثه أو ربعه فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة. ومذهب الحنفية أنه لو غطى جميع وجهه بمخيط أو غيره يومًا وليلة فعليه دم وفي الأقل من يوم صدقة كما بسط في فروعهم. وروى سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح يغطي المحرم وجهه ما دون الحاجبين أي من أعلى. وفي رواية له ما دون عينيه. قال الزين العراقي: ويحتمل أنه أراد الاحتياط لكشف الرأس. ولكن هذا أمر زائد على الاحتياط لذلك، وهو حاصل بدونه – انتهى. وفي المسألة قول رابع وهو أنه إن كان حيًا فله تغطية وجهه، وإن كان ميتًا لم يجز، قاله ابن حزم، قال الحافظ: قال أهل الظاهر: يجوز للمحرم الحي تغطية وجهه ولا يجوز للمحرم الذي يموت عملاً بالظاهر في الموضعين- انتهى.

٢٧٠٤ – قوله (يخطب) أي بعرفات كما تقدم (إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين) أي بعد قطعهما أسفل من الكعبين كما هو مذهب الجمهور خلافًا لأحمد (وإذا لم يجد إزارًا لبس سراويل) فيه دليل على جواز لبس السراويل عند عدم الإزار من غير لزوم شيء، وإليه ذهب أحمد والشافعي، وعن أبي حنيفة منع السراويل للمحرم مطلقًا، ومثله عن مالك وكأنه لم يبلغه حديث ابن عباس، ففي الموطأ أنه سئل عما ذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل فقال: لم أسمع بهذا ولا أرى أن يلبس المحرم سراويل، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى (في حديث ابن عمر) عن لبس السراويلات (مطلقًا فيما نهي عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها ولم يستثن فيها (أي في السراويلات في حديث ابن عمر) كما استثنى في الخفين – انتهى. قال ابن عبد البر: قال عطاء بن أبي رباح والشافعي وأصحابه والثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود: إذا لم يجد المحرم إزارًا لبس السراويل ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>