٣٠٥- (٥) قال الشيخ الإمام الأجل محي السنة، رحمه الله: هذا منسوخ بحديث ابن عباس: قال. ((إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ)) متفق عليه.
٣٠٦- (٦) وعن جابر بن سمرة، ((أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن
ــ
٣٠٥- قوله: (قال الشيخ الإمام الأجل محي السنة) البغوي في شحر السنة (هذا) أي وجوب الوضوء الشرعي بأكل ما مسته النار. (منسوخ بحديث ابن عباس) الخ، واعتراض عليه بأنه إنما يتم ذلك لو علم تاريخهما، وتقدم الأول على الثاني، وأجيب بأن صحبة ابن عباس متأخرة، فإنه إنما صحبه بعد الفتح، قاله الشافعي فيما نقله البيهقي، ويدل على تأخر حديث ابن عباس، ما رواه أحمد في مسنده عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه عن ابن إسحاق: حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: دخلت على ابن عباس بيت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - لغد يوم الجمعة، الحديث. وفيه: فأكل وأكلوا معه، قال: ثم نهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه إلى الصلاة، وما مس ولا أحد ممن كان معه ماء، قال: ثم صلى بهم، وكان ابن عباس إنما عقل من أمر رسول الله آخره، وهذا مع دلالته على تأخره، فيه رد على زعم الخصوصية. قيل: وأصرح من هذا في النسخ حديث جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار، رواه أبوداود، والنسائي، وابن الحارود، والبيهقي، وغيرهم، وهو حديث صحيح ليس في إسناده مطعن، وليست له علة، وقد أعمله بعض الحفاظ بما لا يصلح تعليلاً، وتأوله أبوداود بما هو بعيد جداً، يرده ما رواه أحمد عن جابر مطولاً من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، فإن فيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل هو ومن معه، ثم بال، ثم توضأ للظهر، وأنه أكل بعد ذلك هو ومن معه، ثم صلوا العصر، ولم يتوضؤوا. (هذا معنى الحديث) فهذا يدل على أن الوضوء الأول كان للحدث، وليس من أكل ما مست النار، حتى يصح أن يسمى الفعل الثاني بأكله ثم صلاته من غير أن يتوضأ، آخر الأمرين؛ لأنهما فعلان ليسا من نوع واحد، وقال ابن حزم في المحلى (ج١: ص٢٤٣) : القطع بأن ذلك الحديث مختصر من هذا، قول بالظن، والظن أكذب الحديث، بل هما حديثان كما وردا. انتهى. (أكل كتف شاة) أي أكل لحم كتف الشاة. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الطهارة، وفي الأطعمة، ومسلم في الطهارة، وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود.
٣٠٦- قوله:(وعن جابر بن سمرة) بن جنادة السوائي، صحابي مشهور، ولأبيه أيضاً صحبه، نزل الكوفة، ومات بها سنة (٧٤) في خلافة عبد الملك بن مروان، في ولاية بشر بن مروان، له مائة وستة وأربعون حديثاً، اتفقا على حديثين، وانفرد مسلم بثلاثة وعشرين، روى عنه جماعة. (أنتوضأ) بالنون، وفي بعض النسخ بالياء، وفي بعضها "أتوضأ" بالمتكلم المفرد، مع حذف همزة الاستفهام، وهي الصحيحة الموافقة لما في صحيح مسلم. (من لحوم الغنم) أي من أكلها.