للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه جبة وهو متضمخ بالخلوق، فقال: يا رسول الله! إني أحرمت بالعمرة وهذه عليَّ. فقال: " أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك ".

ــ

عن عطاء أن رجلاً يقال له يعلى بن أمية أحرم وعليه جبة فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينزعها، قلت: روى الطحاوي بسنده إلى شعبة عن قتادة عن عطاء بن أبي رباح أن رجلاً يقال له يعلى بن أمية أحرم وعليه جبة فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينزعها. قال قتادة: قلت لعطاء: إنما كنا نرى أن نشقها فقال عطاء: إن الله لا يحب الفساد، فإن صح الحديث فيكون هو يعلى بن أمية صاحب القصة كما قال الحافظ: وأبهم اسمه كما يحصل كثيرًا من بعض الرواة لغرض ما والله أعلم (عليه جبة) ثوب معروف وفي رواية ((عليه قميص)) (وهو) أي الرجل (متضمخ) بالضاد والخاء المعجمتين أي متلوث ومتلطخ، يقال: تضمخ بالطيب إذا تلطخ به وتلوث به (بالخلوق) بفتح الخاء المعجمة نوع من الطيب يجعل فيه زعفران (إني أحرمت بالعمرة وهذه) أي الجبة (عليّ) بتشديد الياء (أما الطيب الذي بك) أي لصق ببدنك من الجبة (فاغسله ثلاث مرات) قال عياض وغيره: يحتمل أنه من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون نصًا في تكرار الغسل ويحتمل أنه من كلام الصحابي وأنه - صلى الله عليه وسلم - أعاد لفظ ((اغسله)) ثلاث مرات على عادته أنه إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاث مرات لتفهم عنه – انتهى. وقال القاري: ذكر الثلاث إنما هو لنوقف إزالة الخلوق عليها غالبًا، وإلا فالواجب إزالة العين بأي وجه كان - انتهى. وفي رواية للبخاري ((قلت لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات؟ فقال: نعم)) . قال الحافظ: القائل هو ابن جريج وهو دال على أنه فهم من السياق أن قوله ((ثلاث مرات)) من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن يحتمل أن يكون من كلام الصحابي وأنه - صلى الله عليه وسلم - أعاد لفظة (أغسله)) مرة ثم مرة على عادته أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا لتفهم عنه، نبه عليه عياض – انتهى. وفي رواية أبي داود والبيهقي أمره أن ينزعها نزعًا ويغتسل مرتين أو ثلاثًا. قال النووي: إنما أمر بالثلاث مبالغة في إزالة لونه وريحه والواجب الإزالة، فإن حصلت بمرة كفت ولم تجب الزيادة، ولعل الطيب الذي كان على هذا الرجل كثير ويؤيده قوله متضمخ (وأما الجبة فانزعها) بكسر الزاي أي اقلعها فورًا وأخرجها (ثم اصنع في عمرتك) هذا يدل على أن المأمور به من الأعمال ما زاد على الغسل والنزع (كما تصنع في حجك) قال الباجي: هذا يقتضي أنه - صلى الله عليه وسلم - علم من حال السائل أنه عالم بما يفعل في الحج وإلا فلا يصح أن يقول له ذلك لأنه إذا لم يعلم ما يفعل الحاج لم يمكنه أن يمتثله المعتمر – انتهى. اعلم أنهم اختلفوا في المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - هذا فقال ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مجراهما واحد. وقال ابن المنير في الحاشية: قوله ((واصنع)) معناه اترك، لأن المراد بيان ما يجتنبه المحرم فيؤخذ منه فائدة حسنة وهي أن الترك فعل. قال: وأما قول ابن بطال: أراد الأدعية وغيرها مما يشترك فيه الحج والعمرة ففيه

<<  <  ج: ص:  >  >>