للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

نظر، لأن التروك مشتركة بخلاف الأعمال. فإن في الحج أشياء زائدة على العمرة كالوقوف وما بعده. وقال النووي كما قال ابن بطال وزاد: ويستثنى من الأعمال ما يختص به الحج. وقال الباجي: يجب أن يكون ما أمره بأن يفعل غير ما أمره من إزالة القميص وغسل الصفرة لأنهما قد نص عليهما فلا معنى أن ينصرف قوله ((وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك)) إليهما. والوجه الآخر أنه قد عطف هذا اللفظ الثاني على النزوع والغسل فالظاهر أنهما غيرهما ولا شيء يمكن أن يشار إليه في ذلك إلا الفدية. قال الحافظ: كذا قال الباجي: ولا وجه لهذا الحصر بل الذي تبين من طريق أخرى أن المأمور به الغسل والنزع، وذلك أن عند مسلم والنسائي من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء في هذا الحديث، فقال: ما كنت صانعًا في حجك؟ قال: أنزع عني هذه الثياب وأغسل عني هذا الخلوق، فقال: ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك – انتهى، واستدل بحديث يعلى على منع استدامة الطيب بعد الإحرام للأمر بغسل أثره من الثوب والبدن وقد تقدم الكلام في هذا في شرح حديث عائشة أول أحاديث باب الإحرام والتلبية، واستدل به أيضًا على أن من أصابه طيب في إحرامه ناسيًا أو جاهلاً ثم علم فبادر إلى إزالته فلا كفارة عليه (وهو مذهب الشافعي) وقال مالك: إن طال ذلك عليه لزمته، وعن أبي حنيفة وأحمد في رواية تجب مطلقًا، كذا في الفتح. وقال العيني: في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر الرجل بالفدية فأخذ به الشافعي والثوري وعطاء وإسحاق وداود وأحمد في رواية، وقالوا: إن من لبس في إحرامه ما ليس له لبسه جاهلاً فلا فدية عليه والناسي في معناه، وقال أبو حنيفة والمزني في رواية عنه يلزمه إذا غطى رأسه متعمدًا أو ناسيًا يومًا إلى الليل فإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة يتصدق بها. وقال مالك: يلزمه إذا انتفع بذلك أو طال لبسه عليه – انتهى. قال ابن بطال: لو لزمته الفدية لبينها النبي - صلى الله عليه وسلم - أي في هذا الحديث لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وفرق مالك في من تطيب أو لبس ناسيًا بين من بادر فنزع وغسل وبين من تمادى والشافعي أشد موافقة للحديث، لأن السائل في حديث الباب كان غير عارف بالحكم، وقد تمادى ومع ذلك لم يؤمر بالفدية، وقول مالك فيه احتياط، وأما قول الكوفيين والمزني فهو مخالف لهذا الحديث وأجاب ابن المنير في الحاشية بأن الوقت الذي أحرم فيه الرجل في الجبة كان قبل نزول الحكم، ولهذا انتظر النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي (كما يدل عليه القصة) قال: ولا خلاف أن التكليف لا يتوجه على المكلف قبل نزول الحكم فلهذا لم يؤمر الرجل بفدية عما مضى بخلاف من لبس الآن جاهلاً، فإنه جهل حكمًا استقر، وقصر في علم ما كان عليه أن يتعلمه لكونه مكلفًا به، وقد تمكن من تعلمه، وأجيب أيضًا بأن الحديث ساكت عن الفدية نفيًا وإثباتًا. قال الباجي: لا يقتضي ذلك إثبات الفدية ولا نفيها، وإنما أحاله على من قدم علم من حال من أحرم بالحج – انتهى. واستدل بالحديث على أن المحرم إذا صار عليه مخيط نزعه ولا يلزمه تمزيقه ولا شقه، وأنه إذا نزعه من رأسه لم يلزمه دم، وهو مذهب الجمهور، وروى عن إبراهيم النخعي

<<  <  ج: ص:  >  >>