للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

ــ

هو الرسول المباشر لذلك فلنفرض أن عباس قال ذلك، وأن أبا رافع وميمونة خالفا وهما أعلم بالحال منه لأن لكل منهما تعلقًا خاصًا بنفس الواقعة ليس لابن عباس مثله، وأما ما قال الطحاوي من أنه يحتمل أنه خفى عن ميمونة وقت تزويجها وذهب عنها الوقت الذي عقد عليها عند ما فوضت إلى العباس أمرها فلم تشعر إلا في الوقت الذي بنى بها فيه وعلمه ابن عباس لحضوره وغيبتها عنه فهو مما لا يلتفت إليه لأنه احتمال ناشئ من غير دليل ولم يثبت أن ابن عباس شهد الواقعة بل يدل على كلام العيني على عدم شهوده حيث قال: من الجائز غير المنكر أن يرويه ابن عباس عنه - صلى الله عليه وسلم - أو يرويه عن أبيه الذي ولي عقد النكاح بمشهد عنه ومرأى أو يرويه عن خالته ميمونة، فإن قيل: صح نحو حديث ابن عباس عن عائشة وأبي هريرة كما قال الحافظ وعلى هذا من روى أن تزويجها في حالة الإحرام أكثر ممن روى خلاف ذلك فيرجح حديثهم إذن بالكثرة، فالجواب أنهم وإن كثروا فميمونة وأبو رافع أعلم منهم بالواقعة كما تقدم والمرجحات يرجح بعضها على بعض، وضابط ذلك عند الأصوليين هو قوة الظن ومعلوم أن ما أخبرت به ميمونة رضي الله عنها عن نفسها وأخبر به الرسول بينها وبين زوجها - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أبو رافع أقوى في ظن الصدق مما أخبره به غيرهما، ومن الأجوبة التي أجاب بها المانعون أنه لو سلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم لم تكن في ذلك حجة على جواز ذلك بالنسبة على أمته - صلى الله عليه وسلم - لأنه ثبت عنه من حديث عثمان ما يدل على منع النكاح في حال الإحرام وهو عام لجميع الأمة، والأظهر دخوله هو - صلى الله عليه وسلم - في ذلك العموم فإذا فعل فعلاً يخالف ذلك العموم المنصوص عليه بالقول دل على أن ذلك الفعل خاص به - صلى الله عليه وسلم - لتحتم تخصيص ذلك العموم القولي بذلك الفعل فيكون خاصًا به - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقرر في الأصول أن النص القولي العام الذي يشمل النبي بظاهر عمومه لا بنص صريح إذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً يخالفه كان ذلك مخصصًا لذلك العموم القولي فيكون ذلك الفعل خاصًا به - صلى الله عليه وسلم -، كذا حقق الشنقيطي. وقال الشوكاني في نيل الأوطار: يجعل فعله - صلى الله عليه وسلم - مخصصًا له من عموم ذلك القول (يعني حديث عثمان) كما تقرر في الأصول إذا فرض تأخر الفعل عن القول، فإن فرض تقدمه ففيه الخلاف المشهور في الأصول في جواز تخصيص العام المتأخر بالخاص المتقدم كما هو المذهب الحق أو جعل العام المتأخر ناسخًا كما ذهب إليه البعض – انتهى. وقال في السيل الجرار: إن حديث ابن عباس غاية ما فيه على فرض أنه أرجح لكونه في الصحيحين أن ذلك جائز لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون خاصًا به، والنهي خاصًا بالأمة كما تقرر في الأصول أن فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يعارض القول الخاص بالأمة، وعلى تقدير شمول النهي له فيكون فعله مخصصًا له – انتهى. وقال النووي وغيره من الشافعية: هذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - فكان له أن يتزوج في حال الإحرام وهو مما خص به دون الأمة، وتعقبه العيني فقال: دعوى التخصيص تحتاج إلى دليل، ويأتي مزيد الكلام في ذلك في شرح حديثي يزيد بن الأصم وأبي رافع (متفق عليه) أخرجه البخاري في الحج وفي المغازي وفي النكاح، ومسلم في النكاح،

<<  <  ج: ص:  >  >>