للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

..............................................................................................

ــ

عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال: كنت مع عثمان وعلي وحسين بن على رضي الله عنهم حجاجًا فاشتكى حسين بن علي بالسقيا فأومأ بيده إلى رأسه فحلقه علي ونحر عنه جزورًا بالسقيا، هذا لفظ رواية الأثرم ولم يعرف لهم مخالف، والآية وردت في الهدي، وظاهر كلام الخرقي اختصاص ذلك بفدية الشعر، وما عداه من الدماء فبمكة، وقال القاضي في الدماء الواجبة بفعل محظور كاللباس والطيب هي كدم الحلق، وفي الجميع روايتان إحدهما يفدي حيث وجد سببه والثانية محل الجميع الحرم، وأما جزاء الصيد فهو لمساكين الحرم نص عليه أحمد، إلى آخر ما قال. وقال الدردير: لم يختص النسك بمعنى الفدية بأنواعها الثلاثة (شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام) بزمان كأيام منى أو بمكان كمكة أو منى بخلاف الهدي فإنه يختص بهما إلا أن ينوي بالذبح الهدي بأن يقلد أو يشعر، والمعتمد أن مجرد النية كاف فحكمه حكم الهدي في الاختصاص بمنى أو مكة – انتهى. وفي الهداية الصوم يجزيه في أي موضع شاء لأنه عبادة في كل مكان، وكذلك الصدقة عندنا، وأما النسك فيختص بالحرم لأن الإراقة لم تعرف قربة إلا في زمان أو مكان، وهذا الدم لا يختص بزمان فتعين اختصاصه بالمكان – انتهى. قال الحافظ: واحتج (للمالكية) القرطبي بقوله في حديث كعب ((أو اذبح نسكًا)) قال: فهذا يدل على أنه ليس بهدي، قال: فعلى هذا يجوز أن يذبحها حث شاء، قلت: (قائله الحافظ) : لا دلالة فيه إذ لا يلزم من تسميتها نسكًا أو نسيكة أن لا تسمى هديًا أو لا تعطي حكم الهدي، وقد وقع تسميتها هديًا في رواية للبخاري حيث قال: أو تهدي شاة، وفي رواية مسلم ((واهد هديًا)) وفي رواية للطبري ((هل لك هدي؟ قلت: لا أجد)) فظهر أن ذلك من تصرف الرواة، ويؤيده قوله في رواية مسلم ((أو اذبح شاة)) واستدل به على أن الفدية لا يتعين لها مكان، وبه قال أكثر التابعين، وقال الحسن: تتعين مكة، وقال مجاهد: النسك بمكة ومنى، والإطعام بمكة، والصيام حيث شاء، وقريب منه قول الشافعي وأبي حنيفة: الدم والإطعام لأهل الحرم والصيام حيث شاء إذ لا منفعة فيه لأهل الحرم، وألحق بعض أصحاب أبي حنيفة وأبو بكر بن الجهم من المالكية الإطعام بالصيام – انتهى. والأظهر عندنا في النسك والصدقة أيضًا أن له أن يفعلهما حيث شاء، لأن فدية الأذى أشبه بالكفارة منها بالهدي، ولأن الله لم يذكر للفدية محلاً معينًا ولم يذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - وسماها نسكًا، والله أعلم، هذا وقد تقدم أن الحديث تفسير لقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} وسياق الحديث موافق للآية و ((أو)) فيهما للتخيير، وقد ترجم البخاري في الحج من صحيحه بالآية وقال بعد ذكرها: وهو مخير والصيام ثلاثة أيام. قال الحافظ: قوله ((مخير)) من كلام المصنف، استفاده من أو المكررة، وقد أشار إلى ذلك في أول باب كفارات الأيمان، فقال: وقد خير النبي - صلى الله عليه وسلم - كعبًا في الفدية، ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة: ما كان في القرآن أو فصاحبه بالخيار، قال الحافظ: وأقرب ما وقفت عليه من طريق حديث الباب إلى التصريح ما أخرجه أبو داود من طريق الشعبي

<<  <  ج: ص:  >  >>