للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتخلف مع بعض أصحابه وهم محرمون وهو غير محرم، فرأوا حمارًا وحشيًا قبل أن يراه، فلما رأوه تركوه حتى رآه أبو قتادة،

ــ

القصة قبل أن يوقت النبي - صلى الله عليه وسلم - المواقيت (فتخلف) أي تأخر أبو قتادة (مع بعض أصحابه) الضمير راجع إلى أبي قتادة أو النبي - صلى الله عليه وسلم - (وهم) أي البعض (محرمون وهو) أي أبو قتادة (غير محرم) تقدم بيان وجه عدم إحرامه، وفي رواية لمسلم ((حتى إذا كانوا ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم)) وفي رواية للبخاري ((قال أي أبو قتادة انطلقنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم فأنبئنا بعدو بغيقة فتوجهنا نحوهم فبصر أصحابي بحمار وحش)) وفي أخرى له أيضًا ((كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقاحة من المدينة على ثلاث (أي مراحل) ومنا المحرم ومنا غير المحرم فرأيت أصحابي يتراؤن شيئًا)) وقد تقدم أن الروحاء هو المكان الذي ذهب أبو قتادة وأصحابه منه إلى جهة البحر ثم التقوا بالقاحة وبها وقع له الصيد المذكور فالظاهر أن المراد في رواية المشكاة تخلفهم بالقاحة بعد ما انصرفوا عن ساحل البحر وفيها وقع أمر الصيد (فرأوا حمارًا وحشيًا) نوع من الصيد على صفة الحمار الأهلي وبينهما بعض الميزات، وجمعه حمر، ونسب إلى الوحش لتوحشه وعدم استئناسه. قال النووي: قوله ((حمارًا وحشيًا)) كذا ذكر في أكثر الروايات، وفي رواية أبي كامل الجحدري عن أبي عوانة ((إذ رأوا حمر وحش، فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانًا)) فهذه الرواية تبين أن الحمار في أكثر الرواية المراد به أنثى وهي الأتان سميت حمارًا مجازًا – انتهى. قلت: وهكذا وقع في رواية موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عند البخاري، قال الحافظ: قوله ((فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانا)) في هذا السياق زيادة على جميع الروايات لأنها متفقة على إفراد الحمار بالرؤية وأفادت هذه الرواية أنه من جملة الحمر، وأن المقتول كان أتانا أي أنثى، فعلى هذا في إطلاق الحمار عليها تجوز - انتهى. وكذا قال القسطلاني. وزاد ((أو أن الحمار يطلق على الذكر والأنثى)) (قبل أن يراه) أي قبل رؤية أبي قتادة ذلك الحمار (فلما رأوه تركوه) أي الحمار (حتى رآه أبو قتادة) أي حتى رأى أبو قتادة الحمار، وزاد في رواية عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عند البخاري ((فبينما أنا مع أصحابه يضحك بعضهم إلى بعض)) وقد بسط شراح الصحيحين في أن ضحك بعض المحرمين إلى بعض هل هو داخل في الدلالة على الصيد أم لا؟ ومال الحافظ وغيره من العلماء إلى أنه ليس بدلالة. وقد ترجم البخاري على هذه الرواية ((باب إذا رأى المحرمون صيدًا فضحكوا ففطن الحلال)) قال الحافظ في شرحه: أي لا يكون ذلك منهم إشارة له إلى الصيد فيحل لهم أكل الصيد، قلت: ووقع في هذه الرواية عند مسلم ((يضحك بعضهم إليّ)) أي بتشديد الياء. قال عياض: وهو خطأ وتصحيف وإنما سقط عليه لفظة ((بعض)) والصواب يضحك بعضهم إلى بعض كما في سائر الطرق والروايات، وتعقبه النووي وذهب الحافظ إلى تصويب ما قال القاضي من شاء الوقوف على كلام القاضي وتعقب

<<  <  ج: ص:  >  >>