فركب فرسًا له، فسألهم أن يناولوه سوطه فأبوا فتناوله فحمل عليه فعقره، ثم أكل فأكلوا فندموا، فلما أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه،
ــ
النووي وجواب الحافظ رجع إلى الفتح في شرح باب ((إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد)) من كتاب الحج (فركب) أي أبو قتادة بعد ما رأى الحمار (فرسًا له) وعند البخاري بعده ((يقال له الجرادة)) قال الحافظ: هو بفتح الجيم وتخفيف الراء والجراد اسم جنس، ووقع في السيرة لابن هشام أن اسم فرس أبي قتادة ((الحزوة)) أي بفتح المهملة وسكون الزأي بعدها واو، فإما أن يكون له اسمان وإما أن أحدهما تصحف والذي في الصحيح هو المعتمد – انتهى. (فسألهم أن يناولوه) أي يعطوه (سوطه، فأبوا) لعدم جواز المعاونة (فتناوله) أي أخذ بيده، وفي رواية أبي حازم عند البخاري في الهبة ((فأبصروا حمارًا وحشيًا وأنا مشغول أخصف نعلي فلم يؤذنوني به وأحبوا لو أني أبصرته فالتفت فأبصرته فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح فقالوا: لا والله لا نعينك عليه بشيء فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت)) وفي رواية ((وكنت نسيت سوطي فقلت: لهم ناولوني سوطي، فقالوا: لا نعينك عليه فنزلت فأخذته)) (فحمل عليه) أي وجه الفرس نحوه فأدركه (فعقره) أي قتله، وأصل العقر الجرح، وفي رواية ((فشددت على الحمار فعقرته ثم جئت به وقد مات)) وفي أخرى ((حتى عقرته فأتيت إليهم فقلت لهم: قوموا فاحتملوا فقالوا: لا نمسه. فحملته حتى جئتهم به)) (ثم) أي بعد طبخه (أكل) أي أبو قتادة منه (فأكلوا) تبعًا له (فندموا) لظنهم أنه لا يجوز للمحرم أكل الصيد مطلقًا، وفي رواية لمسلم ((فأكل بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بعضهم)) وفي رواية للشيخين ((فأتيت به أصحابي فقال بعضهم: كلوا، وقال بعضهم: لا تأكلوا)) قال الحافظ: قد تقدم من عدة أوجه أنهم أكلوا، والظاهر أنهم أكلوا أول ما أتاهم ثم طرأ عليهم الشك كما في لفظ عثمان بن موهب عن عبد الله بن أبي قتادة عند البخاري ((فأكلنا من لحمها ثم قلنا: أنأكل من لحم صيد ونحن محرمون؟)) وأصرح من ذلك رواية أبي حازم عند البخاري في الهبة بلفظ ((ثم جئت به فوقعوا فيه يأكلون، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم)) (فلما أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي لحقوه وقد تقدمهم إلى السقيا، قال الحافظ: في الحديث من الفوائد أن عقر الصيد ذكاته وجواز الاجتهاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن العربي: هو اجتهاد بالقرب من النبي - صلى الله عليه وسلم - لا في حضرته، وفيه العمل بما أدى إليه الاجتهاد ولو تضاد المجتهدان، ولا يعاب واحد منهما على ذلك لقوله: فلم يعب ذلك علينا. وكأن الآكل تمسك بأصل الإباحة والممتنع نظر إلى الأمر الطارئ، وفيه الرجوع إلى النص عند تعارض الأدلة يعني لأن الصحابة بعد ما أكلوا من الحمار الوحشي مجتهدين وحصل لهم شك في جواز أكلهم رجعوا في تحقيق ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (سألوه) أي عن ذلك هل يجوز أكله أم لا؟ وفي رواية عند البخاري ((فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أمامنا