للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...................................................................................

ــ

ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه)) ولأنه من يوم عرفة فكان وقتًا للوقوف كبعد الزوال، وترك الوقوف لا يمنع كونه وقتًا للوقوف كبعد العشاء، وإنما وقفوا في وقت الفضيلة ولم يستوعبوا جميع وقت الوقوف – انتهى. وقد ظهر من كلام ابن قدامة أنهم اختلفوا في فرض الوقت للوقوف على ثلاثة أقوال، الأول: قول أحمد: إنه من طلوع الفجر من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النحر من غير فرق بين الليل والنهار، وبه جزم عامة أهل الفروع من الحنابلة، والثاني: قول مالك: إنه ليلة النحر من الغروب إلى طلوع الفجر. فالمعتمد عنده في الوقوف بعرفة ليلة النحر، والنهار من يوم عرفة تبع، والأفضل الجمع بينهما، فإن أفرد الليل جاز، وإن عكس لم يجزه، والحاصل أن الوقوف بجزء من الليل ركن عنده فمن خرج من عرفات قبل الغروب ولم يرجع حتى يتداركه بجزء من الليل فاته الحج وعليه الحج من قابل، ومن وقف ليلاً ولم يقف بالنهار فعليه دم. قال الدردير: الركن الرابع للحج حضور عرفة ساعة ليلة النحر، وتدخل بالغروب، وأما الوقوف نهارًا فواجب ينجبر بالدم ويدخل وقته بالزوال – انتهى. وظاهر الحديث حجة على مالك، والقول الثالث: قول الشافعي وأبي حنيفة إنه من زوال عرفة إلى فجر النحر، وهو مختار اللخمي وابن العربي وابن عبد البر من المالكية، وأما الوقت الواجب للوقوف فاختلفوا فيه على قولين، الأول: أن يجمع في وقوفه بين الليل والنهار في أي جزء منهما، وهو قول مالك. قال الدردير: أما الوقوف نهارًا فواجب ينجبر بالدم ويدخل وقته بالزوال ويكتفي فيه أي جزء منه، قال الدسوقي: أي يكفي في تحصيل الوقوف الواجب الوقوف في أي جزء من ذلك – انتهى. وهو مختار صاحب الروض المربع من الحنابلة، وبه جزم النووي في مناسكه، والثاني: قول الحنفية وعامة الحنابلة أن الواجب أن يمتد الوقوف إلى ما بعد الغروب كما تقدم عن ابن قدامة وعلي القاري إذا وقف بالنهار وإن لم يتفق له الوقوف بالنهار فلا امتداد، وقال الشنقيطي: اعلم أن العلماء أجمعوا على أن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا يصح الحج بدونه، وأنهم أجمعوا على أن الوقوف ينتهي وقته بطلوع فجر يوم النحر، فمن طلع فجر يوم النحر وهو لم يأت عرفة فقد فاته الحج إجماعًا، ومن جمع في وقوف عرفة بين الليل والنهار وكان جزء النهار الذي وقف فيه من بعد الزوال فوقوفه تام، ومن اقتصر على جزء من الليل دون النهار صح حجه ولزمه دم عند المالكية خلافًا لجماهير أهل العلم القائلين بأنه لا دم عليه، ومن اقتصر على جزء من النهار دون الليل لم يصح حجه عند مالك، وهو رواية عن أحمد، وعند الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى: حجه صحيح وعليه دم. والدليل على أن الوقوف بعرفة ركن وأن وقته ينتهي بطلوع الفجر ليلة النحر ما رواه أحمد وأصحاب السنن غيرهم من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي، ودليل الإجماع على أن من جمع في وقوفه بعرفة بين جزء من الليل وجزء من النهار من بعد الزوال أن وقوفه تام هو ما ثبت في الروايات الصحيحة

<<  <  ج: ص:  >  >>