للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته

ــ

والعضد القتل، يقال: عضدت الشجر أعضده بالكسر قطعته، قال ابن الجوزي: أصحاب الحديث يقولون يعضد بضم الضاد. وقال لنا ابن الخشاب: هو بكسرها، والمعضد بكسر أوله الآلة التي يقطع بها. قال الخليل: المعضد الممتهن من السيوف في قطع الشجر. وقال الطبري: أصله من عضد الرجل إذا أصابه بسوء في عضده (شوكه) قال القاري: أي ولو يحصل التأذي به. وأما قول بعض الشافعية أنه يجوز قطع الشوك المؤذي فمخالف لإطلاق النص، ولذا جرى جمع من متأخريهم على حرمة قطعه مطلقًا، وصححه النووي في شرح مسلم واختاره في عدة كتبه – انتهى. قلت: قال الخطابي في المعالم: أما الشوك فلا بأس بقطعه لما فيه من الضرر وعدم النفع ولا بأس بأن ينتفع بحطام الشجر وما يلي منه – انتهى. وقال الحافظ: وأجازوا (أي الشافعية) قطع الشوك لكونه يؤذي بطبعه فأشبه الفواسق ومنعه الجمهور لحديث ابن عباس، وصححه المتولي من الشافعية، وأجابوا بأن القياس المذكور في مقابلة النص فلا يعتبر به حتى ولو لم يرد النص على تحريم الشوك لكان في تحريم قطع الشجر (كما في حديث أبي هريرة الآتي) دليل على تحريم قطع الشوك لأن غالب شجر الحرم كذلك، ولقيام الفارق أيضًا فإن الفواسق المذكورة تقصد بالأذى بخلاف الشجر. قال ابن قدامة: ولا بأس بالانتفاع بما انكسر من الأغصان وانقطع من الشجر بغير صنع آدمي ولا بما يسقط من الورق نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافًا – انتهى. (ولا يُنفَّر) بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة (صيده) أي لا يصاح عليه فينفر وقال سفيان بن عيينة: معناه أن يكون الصيد في ظل الشجرة. فلا ينفر ليجلس مكانه ويستظل. قال الطبري: لا خلاف أنه لو نفره وسلم فلا جزاء عليه لكنه يأثم بارتكابه النهي، فلو أتلفه أو تلف بتنفيره وجب جزاءه، وقال النووي: يحرم التنفير وهو الازعاج عن موضعه فإن نفره عصى سواء تلف أو لا، فإن تلف في نفاره قبل سكونه ضمن وإلا فلا. قال العلماء: يستفاد من النهي عن التنفير تحريم الإتلاف بالأولى. وقال الحافظ: قيل: تنفير الصيد كناية عن الاصطياد، وقيل: هو على ظاهره، وقد روى البخاري عن عكرمة أنه قال: هو أن تنحيه من الظل تنزل مكانه، قال الحافظ: قيل نبه عكرمة بذلك على المنع من الإتلاف كسائر أنواع تنبيهًا بالأدنى على الأعلى، وقد خالف عكرمة عطاء ومجاهد فقالا: لا بأس بطرده ما لم يفض إلى قتله، أخرجه ابن أبي شيبة، وروى ابن أبي شيبة أيضًا من طريق الحكم عن شيخ من أهل مكة أن حمامًا كان على البيت فذرق على يد عمر فأشار عمر بيده فطار فوقع على بعض بيوت مكة فجاءت حية فأكلته فحكم عمر على نفسه بشاة، وروى من طريق أخرى عن عثمان نحوه (ولا يلتقط) بصيغة المعلوم (لقطته) بالنصب على أنه مفعول. قال القسطلاني: لقطته بفتح القاف في اليونينية وبسكونها في غيرها قال الأزهري: والمحدثون لا يعرفون غير الفتح، ونقل الطيبي عن صاحب شرح السنة أنه قال: اللقطة بفتح القاف والعامة تسكنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>