وقال الخليل: هو بالسكون، وأما بالفتح فهو الكثير الالتقاط، قال الأزهري: وهو القياس، وقال ابن بري في حواش الصحاح: وهذا هو الصواب لأن العلة للفاعل كالضحكة للكثير الضحك، وفي القاموس: واللقط محركة أي بغير هاء وكحزمة وهمزة وثمامة ما التقط – انتهى. وقال النووي: اللغة المشهورة فتحها. قال القسطلاني: وهي هنا نصب مفعول مقدم والفاعل قوله (إلا من عرفها) أي أشهرها ثم يحفظها لمالكها ولا يتملكها، أي عرفها ليعرف مالكها فيردها إليه، وهذا بخلاف غير الحرم، فإنه يجوز تملكها بشرطه. وقال الحنفية والمالكية حكمها واحد في سائر البلاد لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة من غير فصل، لنا أن قوله ((ولا يلتقط لقطته)) ورد مورد بيان الفضائل المختصة بمكة كتحريم صيدها وقطع شجرها، وإذا سوى بين لقطة الحرم وبين لقطة غيره من البلاد بقي ذكر اللقطة في هذا الحديث خاليًا عن الفائدة – انتهى. وقال التوربشتي: قوله ((لا يلتقط لقطته إلا من عرفها)) أي لا يلتقطها إلا من يريد تعريفها فحسب، يدل عليه قوله في حديث أبي هريرة ((ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد)) أي ليس للملتقط أن يتصدق بها أو يستنفقها كسائر اللقطات وذلك لتعظيم أمر الحرم، ولم يفرق أكثر العلماء بين لقطة الحرم ولقطة غيره من الأماكن، ويعضد هذا الحديث وما ورد بمعناه قول من فرق بينهما لأن الكلام ورد مورد بيان الفضائل المختصة بها كتحريم صيدها وقطع شجرها وحصد خلاها، ثم إن الخبر الخاص إنما يساق لعلم خاص وإذا سوى بين لقطة الحرم ولقطة غيره من البلاد وجدنا ذكر حكم اللقطة في هذا الحديث خاليًا عن الفائدة – انتهى. قلت: ذهب الشافعية ومتأخروا المالكية فيما ذكره صاحب تحصيل المرام من المالكية إلى أن لقطة مكة بخلاف غيرها من البلاد وأنها لا تحل إلا لمن يعرفها أبدًا ولا يتملكها كما يتملكها في غيرها من البلاد، والصحيح من مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد أنه لا خصوصية للقطة مكة وأن حكم اللقطة في سائر البلاد واحد، والحديث عندهم محمول على المبالغة في التعريف، فإن الحاج يرجع إلى بلاده فلا يعود إلا بعد أعوام فتدعو الضرورة إلى إطالة التعريف أو على قطع وهم من يظن أنه لا يحتاج إلى التعريف، فإن الغالب أن الحجيج إذا تفرقوا مشرقين ومغربين وقد مدت المطايا أعناقها لا يعرجون على شيء فلا فائدة في التعريف. وقال القاري: المقصود من ذكرها أن لا يتوهم تخصيص تعريفها بأيام الموسم، وقال ابن الهمام: تخصيص مكة لدفع وهم سقوط التعريف بها بسبب أن الظاهر أن ما وجد بها من لقطة فالظاهر أنه للغرباء، وقد تفرقوا فلا يفيد التعريف فيسقط – انتهى، قال الحافظ: استدل بحديثي ابن عباس وأبي هريرة على أن لقطة مكة لا تلتقط للتملك بل للتعريف خاصة وهو قول الجمهور، وإنما اختصت بذلك عندهم لإمكان إيصالها إلى ربها لأنها إن كانت للمكي فظاهر، وإن كانت للآفاقي فلا يخلو أفق غالبًا من وارد إليها. فإذا عرفها واجدها في كل