للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يقبل منه صرف ولا عدل ". متفق عليه. وفي رواية لهما: " من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل ".

ــ

الغالب في الوقوع لا تقييد الحكم بعدم الإذن حتى يجوز الانتساب بإذنهم. قال النووي: احتج قوم بقوله ((بغير إذن مواليه)) على جواز التولي بإذن مواليه، والصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا يجوز وإن أذنوا كما لا يجوز الانتساب إلى غير أبيه وإن أذن أبوه فيه، وحملوا التقييد في الحديث على الغالب لأن غالب ما يقع هذا بغير إذن الموالي فلا يكون له مفهوم يعمل به ونظيره قوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} (سورة النساء: الآية ٢٧) ، وقوله تعالى {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق} (سورة الأنعام: الآية ١٢٢) وغير ذلك من الآيات التي قيد فيها بالغالب وليس لها مفهوم يعمل به - انتهى. وقال الخطابي: ليس إذن الموالي شرطًا في ادعاء نسب وولاء ليس منه وإليه، وإنما ذكر تأكيدًا للتحريم لأنه إذا استأذنهم في ذلك منعوه وحالوا بينه وبين ما يفعل من ذلك – انتهى. قال الحافظ: وهذا لا يطرد لأنهم قد يتواطؤن معه على ذلك لغرض ما، والأولى ما قال غيره أن التعبير بالإذن ليس لتقييد الحكم بعدم الإذن وقصره عليه، وإنما ورد الكلام بذلك على أنه الغالب – انتهى. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون كنى بذلك عن بيعه فإذا وقع بيعه جاز له الانتماء إلى مولاه الثاني وهو غير مولاه الأول، أو المراد موالاة الحلف، فإذا أراد الانتقال عنه لا ينتقل إلا بإذن، وقال البيضاوي: الظاهر أنه أراد به ولاء العتق لعطفه (في الرواية الآتية) على قوله ((من ادعى إلى غير أبيه)) والجمع بينهما بالوعيد، فإن العتق من حيث أنه لحمة كلحمة النسب فإذا نسب إلى غير من هو له كالدعي الذي تبرأ عمن هو منه وألحق نفسه بغيره، فيستحق به الدعاء عليه بالطرد والإبعاد عن الرحمة ثم أجاب عن الإذن بنحو ما تقدم، وقال: ليس هو للتقييد، وإنما هو للتنبيه على ما هو المانع، وهو إبطال حق مواليه، فأورد الكلام على ما هو الغالب (متفق عليه) . أخرجه البخاري في الحج وفي الجهاد وفي الفرائض وفي الاعتصام، ومسلم في الحج وفي العتق، وأخرجه أيضًا أحمد وأبو داود في أواخر الحج والترمذي في الولاء والهبة، والنسائي والطحاوي والبيهقي وغيرهم (وفي رواية لهما) أي للشيخين وفيه أن قوله ((من ادعى إلى غير أبيه)) ليس في رواية البخاري (من ادعى) أي انتسب (إلى غير أبيه) أي المعروف) أو تولى غير مواليه) هذا العطف يؤيد من فسر الموالاة بولاء العتاقة كما تقدم (فعليه لعنة الله) إلخ. قال النووي: هذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه أو انتماء العتيق إلى ولاء غير مواليه لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>