للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٥٤ – (٢) وعن سعد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إني أحرم ما بين لابتي المدينة: أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها ".

ــ

٢٧٥٤ – قوله (وعن سعد) أي ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة (إني أحرم ما بين لابتي المدينة) بتخفيف الموحدة تثنية لابة، وهي الحرة وهي الأرض ذات الحجارة السود كأنها أحرقت بالنار وأراد بهما حرتين تكتفانها وجمع اللابة لوب ولابات ولاب. قال ابن حبيب: هما الحرتان الشرقية والغربية، وللمدينة حرتان حرة بالقبلة (من جهة الجنوب) وحرة بالجرف (من جهة الشمال) فهي حرار أربع لكن يرجع كلها إلى الحرتين الشرقية والغربية لاتصالهما بهما ولذلك جمعها - صلى الله عليه وسلم - في اللابتين. وقال السمهودي: ما بين لابتيها أي حرتيها الشرقية والغربية، والمدينة بينهما، ولها أيضًا حرة بالقبلة وحرة بالشام لكنهما يرجعان إلى الشرقية والغربية لاتصالهما بهما، ولهذا جمعها - صلى الله عليه وسلم - كلها في اللابتين كما نبه عليه الطبري – انتهى. قال الحافظ: قد تكرر ذكر اللابتين في الحديث ووقع في حديث جابر عند أحمد ((وأنا أحرم المدينة ما بين حرتيها)) فادعى بعض الحنفية أن الحديث مضطرب لأنه وقع في رواية ((ما بين جبليها)) وفي رواية ((ما بين لابتيها)) وفي رواية ((مازميها)) وتعقب بأن الجمع بينهما واضح وبمثل هذا لا ترد الأحاديث الصحيحة، فإن الجمع لو تعذر أمكن الترجيح، ولا شك أن رواية ما بين لابتيها أرجح لتوارد الرواة عليها، ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل لابة جبل أو لا بتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة الشرق والغرب، وتسمية الجبلين في رواية أخرى لا تضر، وأما رواية مازميها فهي في بعض طرق أبي سعيد، والمزم بكسر الزاي المضيق بين الجبلين، وقد يطلق على الجبل نفسه كذا قال الحافظ في شرح حديث أنس في باب حرم المدينة. وفيه نظر فإنه ليس عند كل جبل لابة ولا أن لابتيها من جهة الجنوب والشمال وجبليها من جهة المشرق والمغرب بل الحقيقة أن حديث ما بين لابتيها يعني من جهة المشرق والمغرب، فإن من جهة المشرق حرة ومن جهة المغرب أخرى، وحديث ما بين جبليها يعنى الحرتين الجنوبية والشمالية، قال النووي: للمدينة لابتان شرقية وغربية وهي بينهما. قال: والمراد باللابتين الحرتان، قال: وهذه الأحاديث كلها متفقة فما بين لابتيها بيان لحد حرمها من جهتي المشرق والمغرب وما بين جبليها لحده من جهة الجنوب والشمال. وقال الحافظ في باب لابتي المدينة في شرح حديث أبي هريرة (ما بين لابتيها حرام)) : أن المدينة بين لابتين شرقية وغربية ولها لابتان أيضًا من الجانبين الآخرين إلا أنهما يرجعان إلى الأوليين لاتصالهما بهما، والحاصل أن جميع دورها كلها داخل ذلك – انتهى. قال النووي: ومعنى قوله ((ما بين لابتيها، للابتان وما بينهما، والمراد تحريم المدينة ولابتيها يعني أن اللابتين داخلتان أيضًا. قال الأبي: ولعلها بدليل آخر وإلا فلفظ ((بين)) لا يشملهما – انتهى. (أن يقطع) بدل اشتمال من المفعول (عضاهها) بكسر العين المهملة،

<<  <  ج: ص:  >  >>