٢٧٥٦ – (٤) وعنه قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمرة جاءوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أخذه قال: " اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا،
ــ
كنت له شفيعًا يوم القيامة) كذا وقع في المشكاة والمصابيح، أي بذكر شفيعًا فقط، وفي صحيح مسلم كنت له شفيعًا يوم القيامة أو شهيدًا. وهكذا عند أحمد والبخاري في الكبير والترمذي، وكذا ذكره الجزري في جامع الأصول (ج ١٠: ص ١٩٩) والظاهر أنه سقط لفظ ((أو شهيدًا)) في المشكاة والمصابيح. وقد تقدم أنهم اختلفوا في هذا فقيل هو مختص بمدة حياته - صلى الله عليه وسلم -، وقال آخرون: هو عام أبدًا، وهذا أصح، حكاه النووي عن عياض وأقره (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ٢: ص ٢٨٨،) ، والبخاري في التاريخ الكبير (ج٢: ص٢٨٤، ٢٨٥) والترمذي في فضل المدينة من آخر المناقب.
٢٧٥٦- قوله (كان الناس) أي الصحابة (إذا رأوا أول الثمرة) كذا في المشكاة والمصابيح وجامع الأصول، ولفظ مسلم ((أول الثمر)) أي بغير التاء، وهكذا في الموطأ وجامع الترمذي، والظاهر أن ما وقع في المشكاة والمصابيح وجامع الأصول خطأ، والثمر بفتح المثلثة والميم، وأول الثمر يسمى الباكورة، فالمعنى إذا رأوا باكورة الثمر وهي أول ما يدرك من الفاكهة (جاءوا به) أي بأول الثمر (إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي هدية له - صلى الله عليه وسلم - كما يدل عليه إعطاؤه لوليد. قال العلماء: كانوا يفعلون ذلك رغبة في دعائه - صلى الله عليه وسلم - في الثمر وللمدينة والصاع والمد، وإعلامًا له - صلى الله عليه وسلم - بابتداء صلاحها بما يتعلق بها من الزكاة وغيرها، وتوجيه الخارصين. وقال الأبي: وقيل: إنما كانوا يؤثرونه به على أنفسهم حبًا له، ويرونه أولى الناس بما يسبق إليهم من خير من ربهم. وقال الزرقاني: إما هدية وجلالة ومحبة وتعظيمًا، وإما تبركًا بدعائه لهم بالبركة وهو الذي يغلب على ظني، وسياق الحديث يدل عليه، والمعنيان محتملان، قاله ابن عبد البر. وكذا ذكر هذين الاحتمالين التوربشتي. وقال الباجي: يريد بالثمر ثمر النخل لأنه هو المقصود ثمارها، وأتوا به تبركًا بدعائه وإعلامًا له ببدو الصلاح، إما لما كان يتعلق به من إرسال الخراص ليستحلوا أكلها والتصرف فيها، وإما ليعلموه جواز بيع ثمارهم لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيعها قبل بدوها (فإذا أخذه) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الزرقاني: زاد في بعض طرق الحديث ((وضعه على وجهه)) أي إظهارًا للفرح والمسرة (اللهم بارك لنا في ثمرنا) بالنماء والزيادة والبقاء (وبارك لنا في مدينتنا أي في ذاتها من جهة سعتها ووسعة أهلها، وقد استجاب الله دعاءه عليه الصلاة والسلام بأن وسع نفس المسجد وما حوله من المدينة وكثر الخلق فيها حتى عد من الفرس المعد للقتال المهيأ بها في زمن عمر أربعون