٥٢٩- (٢) وعن عمران، قال:((كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته، إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، فقال: ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟) . قال: أصابتني جنابة، ولا ماء. قال: عليك بالصعيد، فإنه يكفيك)) . متفق عليه.
٥٣٠- (٣) وعن عمار، قال:((جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبت، فلم أصب الماء.
ــ
ومن تدبر هذا قطع بأنه كان تيمم بالرمل- انتهى. هذا والخصلة الثالثة مبهمة، وقد بينها ابن خزيمة والنسائي وهي: وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرض، يشير إلى ما حطه الله عن أمته من الإصر وتحميل ما لا طاقة لهم به، ورفع الخطأ والنسيان. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً ابن خزيمة والنسائي.
٥٢٩- قوله:(كنا في سفر) أي: عند رجوعهم من خيبر، أو الحديبية، أو في طريق مكة، أو بطريق تبوك. (فصلى بالناس) أي: إماماً لهم. (فلما انفتل) أي: انصرف وفرغ. (إذا هو) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مبتدأ خبره قوله:(برجل) لم يسم، وقيل: هو خلاد بن رافع أخو رفاعة، ولكن وهموا قائله. (معتزل) أي: منفرد عن القوم، خارج من بينهم، واقف في ناحية. والجملة جواب لما، أي: فلما انفتل فاجأه رؤية رجل معتزل غير مصل. (ولا ماء) موجود بالكلية. وماء بفتح الهمزة، ويحتمل أن تكون لا ههنا بمعنى ليس، فيرتفع الماء حينئذ، ويكون المعنى ليس ماء عندي. (عليك بالصعيد) اسم فعل بمعنى خذ والزم، والباء زائدة، واللام للعهد المذكور في الآية. (فإنه) أي: الصعيد. (يكفيك) أي: لصحة الصلاة، ويجزئك عن الماء عند عدمه. والحديث نص في جواز التيمم للجنب، وهو مجمع عليه، لم يخالف فيه أحد من الخلف ولا من السلف إلا ما جاء عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود، وحكى مثله عن إبراهيم النخعي من عدم جوازه للجنب. وقيل: إن عمر وعبد الله رجعا عن ذلك، وقد جاءت في جوازه للجنب الأحاديث الصحيحة. واستدل بالحديث على كون التيمم طهارة مطلقة. قال الحافظ: احتج البخاري لعدم وجوب التيمم لكل صلاة بعموم قوله: - صلى الله عليه وسلم - عليك بالصعيد، فإنه يكفيك. قال: وهذه المسألة وافق فيها البخاري الكوفيين والجمهور – انتهى. قلت: وهو الراجح عندي. (متفق عليه) أخرجه البخاري في التيمم، وفي علامات النبوة، ومسلم في الصلاة مطولاً، وأخرجه أيضاً النسائي في الطهارة مختصراً.
٥٣٠- قوله:(وعن عمار) فيه: أن الذي وقع في الصحيحين وغيرهما أن عبد الرحمن بن أبزى هو الذي روى أول القصة، أعنى قوله: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب. فقال: إن أجنبت، فلم أصب الماء. فهذا القدر إنما هو رواية عبد الرحمن دون عمار، فالصواب أن يقول المصنف: عن عبد الرحمن بن أبزى بدل عن عمار، ويدل على ما قلنا قوله: فقال: عمار لعمر. (جاء رجل) لم يسم. (إني أجنبت) أي: صرت جنباً. (فلم أصب الماء) من الإصابة أي: لم أجده، فقال