للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه. وفي رواية للبخاري: فأشد ما تجدون من الحر فمن سمومها، وأشد ما تجدون من البرد فمن زمهريرها.

٥٩٤- (٦) وعن أنس، قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر، والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي، فيأتيهم والشمس مرتفعة، وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه)) .

ــ

فلم يشكنا. أي: لم يعذرنا ولم يزال شكوانا، فمحمول على أنهم طلبواً تأخيراً زائداً على قدر الإبراد، لأن الإبراد أن يؤخر بحيث يصير للحيطان فئ يمشون فيه، ويتناقص الحر، والتأخير الزائد عنه أن يزول حر الرمضاء، وذلك قد يستلزم خروج الوقت فلذلك لم يجبهم (متفق عليه) للحديث طرفان أما طرفه الأول وهو طرف الإبراد فأخرجه أيضاً مالك وأحمد والترمذي في صفة جهنم، وابن ماجه في الزهد. قال العيني والقسطلاني: وأخرجه النسائي في الصلاة (وفي رواية للبخاري فأشد ما تجدون من الحر) الخ. لم أجد هذه الرواية في البخاري، نعم رواها مسلم والترمذي وابن ماجه بنحوها (فمن سمومها) بفتح السين المهملة، الريح الحارة (فمن زمهريرها) أي: من أثر طبقتها الباردة.

٥٩٤- قوله: (والشمس مرتفعة حية) أي: صافية اللون عن التغير والاصفرار (فيذهب الذاهب) أي: بعد صلاة العصر (إلى العوالي) جمع عالية وهي قري مجتمعة حول المدينة أبعدها على ثمانية أميال كما جزم به عياض وابن عبد البر وغير واحد، وآخرهم صاحب النهاية، وأقربها من المدينة على ميلين وبعضها على ثلاثة أميال (فيأتيهم) أي: فيصل إلى أهل العوالي (والشمس مرتفعة) أي: دون ذلك الارتفاع لكنها لم تصل إلى الحد الذي توصف به لأنها منخفضة. وفي ذلك دليل على تعجيله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة العصر لوصف الشمس بالارتفاع بعد أن تمضي مسافة أربعة أميال (وبعض العوالي) أي: بين العوالى والمدينة المسافة المذكورة (أو نحوه) أي: نحو هذا المقدار أي: قريب من أربعة أميال، وظاهر إيراد المصنف يقتضى أن هذا من كلام أنس، وليس كذلك بل هو مدرج من كلام الزهري الراوي عن أنس في الحديث، بينه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في هذا الحديث فقال: فيه بعد قوله: والشمس حية: قال الزهري: والعوالي من المدينة على ميلين أو ثلاثة، فهذا اختصار مخل موهم لخلاف المقصود، وحق العبارة أن يقول: وعن الزهري عن أنس، ثم يقول: قال الزهري: وبعض العوالي، الخ. والحديث يدل على استحباب المبادرة بصلاة العصر أول وقتها لأنه لا يمكن أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين وثلاثة والشمس لم تتغير بصفرة ونحوها إلا إذا صلى العصر حين صار ظل الشيء مثله. قال النووي: ولا يكاد يحصل هذا إلا في الأيام الطويلة وهو دليل للجمهور القائلين بأن أول وقت العصر إذا صار ظل كل

<<  <  ج: ص:  >  >>