٥٩٥- (٧) وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تلك صلاة المنافق: يجلس يرقب الشمس، حتى إذا اصفرت، وكانت بين قرني الشيطان؛ قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً)) رواه مسلم.
ــ
شيء مثله (متفق عليه) فيه نظر لأن زيادة: وبعض العوالي، الخ. من إفراد البخاري. والحديث أخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
٥٩٥- قوله:(تلك صلاة المنافق) إشارة إلى مذكور حكماً أي: صلاة العصر التي أخرت إلى الاصفرار، قاله ابن الملك. وقال الطيبي: إشارة إلى ما في الذهن من الصلاة المخصوصة، والخبر بيان لما في الذهن. والمنافق إما محمول على حقيقته بأن يكون بياناً لصلاته، أو يكون تغليظاً، يعني من أخر صلاة العصر إلى قبيل الغروب فقد شبه بالمنافق، فإن المنافق لا يعتقد حقيقة الصلاة بل إنما يصلي لدفع السيف، ولا يبالي بالتأخير إذ لا يطلب فضيلة، ولا ثوابا والواجب على المسلم أن يخالف المنافق (يجلس يرقب الشمس) أي: ينتظر غروبها، وهي جملة استئنافية بيان للجملة السابقة. قال النووي: فيه تصريح بذم تأخير صلاة العصر بلا عذر (حتى إذا اصفرت) أي: الشمس (وكانت بين قرني الشيطان) أي: جانبي رأسه، وهو كناية عن قرب الغروب، وذلك لأن الشيطان عند الطلوع والإستواء والغروب ينتصب دون الشمس، بحيث يكون الطلوع والغروب بين قرنيه، فهو محمول على حقيقته، وكلمة إذا للشرط وقوله:(قام) أي: إلى الصلاة جزاءها والشرطية استئنافية (فنقر أربعاً) من نقر الطائر الحبة نقرأ أي: التقطها. قال الجزري: يريد تخفيف السجود، وأنه لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله- انتهى. وقال السندي: كأنه شبه كل سجدتين من سجداته من حيث أنه لا يمكن يمكث فيهما ولا بينهما بنقر طائر إذا وضع منقارة يلتقط شيئاً- انتهى. يعني إنما قال: أربعاً أي: أربع سجدات مع أن في العصر ثماني سجدات لأنه لا يمكث بينهما، فكأنه سجد أربعاً. وفيه تصريح بذم من صلى مسرعاً بحيث لا يكمل الخشوع والطمأنينة والأذكار، وقيل معنى نقرأ أربعاً أي: لقط أربع ركعات سريعاً، فالنقر عبارة عن السرعة في أداء الصلاة، وقيل عن سرعة القراءة وقلتها وقلة الذكر فيها (لا يذكر اله فيها) لعدم اعتقاده أو لخلوة الإخلاص (إلا قليلا) أي: ذكرا قليلا، وقيل: الظاهر أنه منفصل أي: لكنه في زمن قليل يذكر الله فيه بلسانه فقط. قيل: وتخصيص الأربع بالنقر وفي العصر ثمان سجدات اعتبار بالركعات (رواه مسلم) فيه نظر لأن لفظة (إذا اصفرت) ليست في رواية مسلم بل هي في رواية أبي داود، ولفظ مسلم كذا: حتى إذا كانت بين قرني الشيطان. والحديث أخرجه أيضاً أحمد، والترمذي، وأبوداود، والنسائي.