٥٩٨- (١٠) وعن رافع بن خديج، قال:((كنا نصلي المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فينصرف أحدنا
وإنه ليبصر مواقع نبله)) . متفق عليه.
٥٩٩- (١١) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى
ــ
موقوف في المشيئة، فإن غفر له فمجرد الوقوف إبطال لنفع الحسنة إذ ذاك، وإن عذب ثم غفر له فكذلك. قال: معنى ذلك القاضي أبوبكر بن العربي، ومحصل ما قال: أن المراد بالحبط في الآية غير المراد بالحبط في الحديث. وقال: في شرح الترمذي ما حاصله: أن الحبط على قسمين حبط إسقاط، وهو إحباط الكفر للإيمان وجميع الحسنات، وهو إحباط حقيقي. وحبط موازنة وهو إحباط المعاصي للانتفاع بالحسنات عند رحجانها عليها إلى أن تحصل النجاة فيرجع إليه جزاء حسناته، وهو إحباط مجازي أطلق عليه الإحباط مجازاً لا حقيقة وهذا هو المراد في الحديث، وقيل في تأويله غير ذلك، قال الحافظ: أقرب هذه التأويلات قول من قال: إن ذلك خرج مخرج الزجر الشديد، وظاهره غير مراد-انتهى. وقال السندي: حبط عمله، بكسر الباء أي: بطل. قيل: أريد به تعظيم المعصية لا حقيقة اللفظ. ويكون مجاز التشبيه. قال: وهذا مبنى على أن العمل لا يحبط إلا بالكفر، لكن ظاهر قوله تعالى:{لا ترفعوا أصواتكم} الآية [٢:٤٩] ، يفيد أنه يحبط ببعض المعاصي أيضاً فيمكن أن يكون ترك العصر عمدا من جملة تلك المعاصي-انتهى (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد، والنسائي، وابن ماجه.
٥٩٨- قوله:(كنا نصلي المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فينصرف أحدنا) من الصلاة (وإنه) أي: والحال أن أحدنا (ليبصر) من الإبصار أي: بعد الصلاة (مواقع نبله) بفتح النون وسكون الموحدة، وهي السهام العربية لا واحد لها من لفظها. وقيل: واحدها نبلة كتمرة وتمرة يعني أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعجل بها في أول وقتها بمجرد غروب الشمس حتى ينصرف أحدنا بعد الصلاة، ويرمي السهم عن قوسه ويبصر موقعه لبقاء الضوء، ففيه دليل على المبادرة بصلاة المغرب في أول وقتها بحيث أن الفراغ منها يقع والضوء باق، وقد كثر الحث على المسارعة بها، وأما الأحاديث الواردة في تأخيرها إلى قرب سقوط الشفق فكانت لبيان جواز التأخير، قلت: والحديث يدل على أنه يقرأ فيها السور القصار إذ لا يتحقق مثل هذا إلا عند المبادرة وقراءة السور القصار، فليتأمل (متفق عليه) وأخرجه أيضاً ابن ماجه. وفي الباب عن أنس عند أبي داود، ورجل من أسلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند النسائي، وعن ناس من الأنصار عند أحمد، قال: الحافظ: إسناده حسن.
٥٩٩- قوله:(كانوا) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (يصلون العتمة) أي: صلاة العشاء (فيما بين أن يغيب الشفق إلى