غرائب وأفراد، ولم أسمع فيه إلا خيراً. وفيه أيضاً عصمة بن محمد الأنصاري. قال أبوالحسن الدارقطني: عصمة بن محمد بن فضالة الأنصاري متروك ذكره الخطيب في تاريخه (ج١٢: ص٢٨٦) وقال ابن عدي: كل حديثه غير محفوظ، ذكره الذهبي في ميزانه. ويظهر من صنيع النيموي في آثار السنن أن هذه الزيادة هي دليل القائلين بمواظبته - صلى الله عليه وسلم - على رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه، والأمر ليس كما توهم النيموي، فإن أصل الاستدلال على هذا المطلوب ليس بهذا الحديث بل بحديث مالك بن الحويرث وحديث وائل بن حجر الآتيين، وبالأحاديث التي استدل بها الحنفية على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واظب على رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح. قال شيخنا في أبكار المنن (ص١٩٥) : اعلم أن العلماء الحنفية ادعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب على رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح ما دام حياً، واستدلوا عليه بالأحاديث التي فيها ذكر رفع اليدين عند الركوع، وعند رفع الرأس منه، فكما ثبت مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح، كذلك تثبت مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على رفع اليدين عند الركوع، وعند رفع الرأس منه أيضاً. قال صاحب الهداية: ويرفع يديه مع التكبير، وهو سنة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب عليه. قال الزيلعي في نصب الراية: هذا معروف في أحاديث صفة صلاته - عليه السلام -، منها حديث ابن عمر أخرجه الأئمة الستة. - ثم ذكره بنحو حديث الباب - وحديث أبي حميد الساعدي - ثم ذكره بنحو أول أحاديث الفصل الثاني - ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك رفع اليدين عند الركوع، وعند رفع الرأس منه بحديث صحيح البتة، وما جاء فيه فهو ضعيف، غير قابل للاحتجاج، كما يأتي بيانه- انتهى كلام الشيخ. وقد عرفت مما تقدم أنه ليس رفع يد في غير التحريمة عند جماعة من أهل الكوفة، وإليه ذهبت الحنفية. ثم إنه اختلفت أقوال الحنفية، واضطربت آراؤهم في دفع هذه السنة الصحيحة الثابتة المتواترة سنداً وعملاً - أي رفع اليدين في المواضع الثلاثة-، فذهب بعضهم إلى عدم جواز الرفع في غير التحريمة، بناء على أن رفع اليدين في غير الافتتاح كان جائزاً ومباحاً في أول الأمر، ثم ترك ونسخ جوازه، فصار الرفع منهياً عنه، وترك الرفع مأموراً به، فيكره الرفع تحريماً عندهم، كما في الكبيري شرح المنية والبدائع. وبالغ بعضهم كأمير كاتب الإتقاني صاحب غاية البيان شرح الهداية فقال بفساد الصلاة بالرفع في غير التحريمة؛ لأنه عمل كثير، واعتمد في ذلك على ما روى مكحول النسفي عن أبي حنيفة من فساد الصلاة برفع اليد في غير التحريمة. وقد رد عليه تقي الدين السبكي الشافعي في عصره أحسن رد، ورد عليه الحنفية أيضاً وصرحوا بشذوذ هذه الرواية، وذهبوا إلى عدم الفساد من رفع اليدين في غير الافتتاح. وهذا القول يدلك على أن النزاع بين التاركين للرفع وبين القائلين به في الجواز وعدمه، لا في الأفضلية والأولوية. وذهب بعضهم إلى جواز الرفع في غير التحريمة، لكن الأولى والأرجح والمستحب عندهم ترك الرفع، فالمنسوخ عندهم إنما هو استحباب الرفع لا جوازه وإباحته، والنزاع عندهم إنما هو في الاختيار لا الجواز، قال صاحب الكوكب الدري (ج١: ص١٢٩) : لا خلاف بيننا وبين الشافعي في جواز الصلاة بالرفع وعدم الرفع، إنما النزاع في أن الأولى هل هو عدم الرفع أو الرفع؟ فاخترنا الأول واختاروا الثاني، وقال صاحب فيض الباري (ج١: ص٢٥٧) :