علق السيف بخيط ونقر بإصبع سمع له طنين، فذلك السيف يصلح أن يحمل إلى بلاد يورا ويشتريه أهل يورا بثمن بالغ، ويرمونه في البحر المظلم. فإذا فعلوا ذلك أخرج اللّه لهم من البحر سمكة مثل الجمل العظيم، تطردها سمكة أخرى أكبر منها تريد أكلها، فتهرب منها حتى تقرب من الساحل فتصير في موضع لا يمكنها الحركة فيه، فتشبّث بالرمل فيعرف أهل يورا فيذهبون إليها في المراكب فكلّ من ألقى السيف يجتمع عليها ويقطع من لحمها. وربّما يكثر ماء البحر بالمدّ، فترجع السمكة إلى البحر بعدما قطع منها من اللحم ما يملأ ألف بيت، وربّما تبقى عندهم زمانا طويلا مؤونتهم فيقطعون منها، وإذا لم يبق في البحر من تلك السيوف لم تخرج لهم السمكة، فيكون عندهم الجدب والقحط.
وحكي أن في بعض السنين خرجت عليهم هذه السمكة، فاجتمع القوم عليها ونقبوا أذنها وجعلوا فيها حبلا ومدّوها إلى الساحل، فانفتحت أذن السمكة وخرجت من داخلها جارية تشبه الآدميّين، بيضاء حمراء سوداء الشعر عجزاء من أحسن النساء وجها، فأخذها أهل يورا وأخرجوها إلى البرّ، وهي تضرب وجهها وتنتف شعرها وتصيح، وقد خلق اللّه تعالى في وسطها جلدا ضعيفا كالثوب من سرّتها إلى ركبتها لستر عورتها، فبقيت عندهم مدّة. وأهل يورا إن لم يلقوا السيف في البحر لا تخرج السمكة فيجوعون لأن قوتهم من هذا.
إلى ههنا انتهى علم أهل بلادنا، واللّه أعلم بما وراء ذلك من البلاد والبحار.