أمر بحفر زمزم. قال: وما زمزم؟ قالوا: لا تنزف ولا تهدم يسقي الحجيج الأعظم عند نقرة الغراب الأعصم. فغدا عبد المطّلب ومعه الحرث ابنه، فوجد الغراب ينقر بين أساف ونائلة، فحفر هناك، فلمّا بدا الطيّ كبّر، فاستشركه قريش وقالوا: انّه بئر أبينا إسماعيل ولنا فيه حقّ! فتحاكموا إلى كاهنة بني سعد باشراف الشام وساروا حتى إذا كانوا ببعض الطريق نفد ماؤهم وظمئوا وأيقنوا بالهلاك، فانفجرت من تحت خفّ عبد المطّلب عين ماء فشربوا منها وعاشوا. وقالوا: قد واللّه قضي لك علينا لا نخاصمك فيها أبدا، إن الذي سقاك الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم! فانصرفوا فحفر عبد المطّلب زمزم، فوجد فيها غزالين من ذهب وأسيافا قلعيّة كانت جرهم دفنتها فيها وقت خروجهم من مكّة، فضرب الغزالين بباب الكعبة وأقام سقاية الحاج بمكّة، واللّه الموفق.
وينسب إلى مكّة المهاجرون الذين أكثر اللّه تعالى عليهم من الثناء في كتابه المجيد، وخصّ بعضهم بمزيد فضيلة وهم المبشرة العشرة، ذكر أن رسول اللّه، ﷺ، قال: إنّهم في الجنّة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير، وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجرّاح، رضوان اللّه عليهم أجمعين.
[ملتان]
هي آخر مدن الهند ممّا يلي الصين، مدينة عظيمة منيعة حصينة جليلة عند أهل الصين والهند، وانّها بيت حجّهم ودار عبادتهم كمكّة لنا. وأهلها مسلمون وكفّار. والمدينة في دولة المسلمين، وللكفّار بها القبّة العظمى والبدّ الأكبر، والجامع مصاقب لهذه القبّة، والإسلام بها ظاهر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شامل؛ كلّ ذلك عن مسعر بن مهلهل.
وقال الإصطخري: مدينة حصينة منيعة، دار الملك ومجمع العسكر،