وكان بيده إلى أن مات. وانقطع السبيل إليه إلى هذه الغاية.
ومن العجائب ما ذكره ابن الفقيه انّه إلى جانب هذا الطاق شبيه بالدكان، إذا لطخ بعذرة أو شيء من الأقذار ارتفعت في الحال سحابة فمطرت عليه حتى تغسله وتنظّفه، وان ذلك مشهور عندهم لا يتمارى فيه اثنان.
[حلوان]
مدينة بين همذان وبغداد. كانت عامرة طيّبة والآن خراب، وتينها ورمانها في غاية الطيب، لم يوجد في شيء من البلاد مثلهما. وفي حواليها عدّة عيون كبريتيّة ينتفع بها من عدّة أدواء. وكان بها نخلتان مشهورتان على طريق السابلة، وصل إليهما مطيع بن اياس فقال:
أسعداني يا نخلتي حلوان … وابكيا لي من ريب هذا الزّمان
واعلما أنّ ريبه لم يزل … يفرّق بين الألّاف والجيران
واسعداني وأيقنا أنّ نحسا … سوف يأتيكما فتفترقان!
حكى المدائني أن المنصور اجتاز عليهما، وكانت إحداهما على الطريق ضيّقت على الأحمال والأثقال، فأمر بقطعها فأنشد قول مطيع فقال: واللّه لا كنت ذلك النحس! ثمّ اجتاز المهدي بهما واستطاب الموضع، ودعا لحسنه المغنيّة وقال لها: أما ترين طيب هذا الموضع؟ غنّيني بحياتي! فغنّت:
أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا … إذا نام حرّاس النّخيل جناكما!
فقال لها: أحسنت! لقد هممت بقطع هاتين النخلتين فمنعتني. فقالت:
أعيذك باللّه أن تكون نحسهما! وأنشدت قول مطيع، ثمّ اجتاز بهما الرشيد عند خروجه إلى خراسان وقد هاج به الدم بحلوان، فأشار عليه الطبيب بأكل الجمّار، فطلب ذلك من دهقان حلوان فقال: ليست أرضنا أرض نخل لكن