وأهل المدينة موافقون على أنّهم لا يشترون شيئا من المماليك السنديّة، وسببه أن بعض رؤسائها من آل مهلّب ربّى غلاما سنديّا، فلمّا بلغ رآه يوما مع زوجته فجبّه ثمّ عالجه حتى هدأ، وكان لمولاه ابنان: أحدهما بالغ، والآخر طفل، فأخذ الغلام الصبيّين وصعد بهما إلى أعالي سور الدار ثمّ قال لمولاه:
واللّه لئن لم تجبّ نفسك الآن لأرمينّ بهما! فقال الرجل: اللّه اللّه فيّ وفي ولديّ! فقال: دع عنك هذا، واللّه ما هي إلّا نفس، وإني لأسمح بها من شربة ماء! وأهوى ليرمي بهما فأسرع الرجل وأخذ مدية وجبّ نفسه، فلمّا رأى الغلام ذلك رمى بالصبيّين وقال: فعلت بك ما فعلت بي وزيادة قتل الولدين. فقتل الغلام بأفظع العذاب وأخرج من المدينة جميع المماليك السندية، فكانوا يتداولون في البلاد ولا يرغب أحد بالثمن اليسير في شرائهم.
بها نهر مهران عرضه كعرض دجلة أو أكثر، يقبل من المشرق آخذا جهة الجنوب متوجها إلى المغرب حتى يقع في بحر فارس أسفل السند؛ قال الإصطخري: مخرجه من ظهر جبل يخرج منه بعض أنهار جيحون، ويظهر بملتان على حدّ سمندور ثمّ على المنصورة، ثمّ يقع في البحر، وهو نهر كبير عذب جدّا يقال فيه تماسيح كما في النيل، وجريه مثل جريه، يرتفع على الأرض ثمّ ينصبّ ويزرع عليه مثل ما يزرع على النيل بأرض مصر.
وقال الجاحظ: ان تماسيح نهر مهران أصغر حجما من تماسيح النيل وأقلّ ضررا، وذكر أنّه يوجد في هذا النهر سبائك الذهب. واللّه الموفق.
[مهيمة]
قرية بين مكّة والمدينة على ميل من الأبواء. بها ماء مهيمة، وهو ماء ساكن لا يجري إذا شربته الإبل يأخذها الهيام، وهو حميّ الإبل، لا تعيش الإبل بها.