إني منذ مدّة سمعت به وأردت أن أراه. فأدخلني عليه فقال: لا يدخل عليه أحد، لكن إذا علت الشمس يخرج ويصعد السطح ويقعد في الشمس فأبصره! قال: فقعدت على طرف الصفّة حتى خرج، فرأيته عليه لباد أسود وعلى رأسه أيضا قلنسوة من لباد أسود، فقمت وسلّمت عليه وعرّفته أني قصدت زيارته، وسألته أن يجلس معي ساعة على طرف الصفّة، فطوى مصلّاي وجلس، فجعلت أحدّثه وهو في عالم آخر فقلت: لو لبست شيئا غير هذا اللباد! فقال: يتوسّخ.
فقلت: تغسله. فقال: يتوسّخ. فقلت: تغسله. فقال: ما حييت لغسل الثياب، لي شغل أهمّ من ذلك.
وكان معاصرا لفخر الدين الرازي، جرى بينهما مباحثات، ورأى فخر الدين بعد موته كتابه التلويحات في الحكمة فقبله. وحكي انّه كان جالسا على طرف بركة مع جمع، فتحدّثوا في معجزات الأنبياء فقال بعضهم: فلق البحر أعجبها. فقال الشهاب: ليس ذلك شيئا بالنسبة إلى معجزات الأنبياء. وأشار إلى البركة فانشقّ الماء فيها نصفين حتى رأوا أرض البركة. وحكي انّه لمّا قبض عليه بحلب حبس في دار فرأوا مكتوبا على جائزة لا يوصل إليها إلّا بالسلاليم:
بيت الظالم خراب ولو بعد حين! وكان كذلك: ذهب الملك عن الملك الظاهر عن قريب وخرب بيتهم.
[شاذياخ]
اسم مدينة بخراسان على قرب نيسابور. كانت بستانا لعبد اللّه بن طاهر بن الحسين. ذكر الحاكم أبو عبد اللّه في تاريخ نيسابور أن عبد اللّه بن طاهر قدم نيسابور بعساكره، فنزلوا في دور الناس غصبا، فاتّفق أن بعض أصحابه دخل دار رجل له زوجة حسناء، وكان رجلا غيورا لا يفارق داره غيرة على زوجته، فقال له الجندي يوما: اذهب بفرسي واسقه ماء! فلم يجسر على خلافه ولم يستطع مفارقة أهله، فقال لزوجته: اذهبي أنت بفرسه واسقيه حتى احفظ