للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[دير نهيا]

بالجيزة من أرض مصر. من أحسن الديارات وأنزهها وأطيبها موضعا وأجلها موقعا، عامر بالرهبان، وله في النيل منظر عجيب لأنّ الماء محيط به من جميع جهاته. فإذا انصرف الماء وزرعت أظهرت أنواع الأزهار وأصناف الأنوار، فتشبه الديباج المنقش، لا يريد الإنسان ان يفارقها، وله خليج تجتمع فيه الطيور فهو متصيّد أيضا؛ ولابن البصري فيه:

أيا دير نهيا إن ذكرت فإنّني … أسعى إليك على الخيول السّبّق

أو ما ترى وجه الرّبيع وقد زهت … أنواره بنهاره المتألّق؟

وتجاوبت أطياره وتبسّمت … أشجاره من ثغر زهر مؤنق

والبدر في وسط السّماء كأنّه … وجه مضيء في قناع أزرق

وإذا سئلت عن الطّيور وصيدها … وجنوسها فاصدق وإن لم تصدق

فالغرّ فالكروان فالفارور إذ … يشجيك في طيرانه المتحلّق

أشهدت حرب الطّير في غيطانه … لمّا تجوّق منه كلّ مجوّق

الرّصافة

مدينة في البرية بقرب الرقّة. رأيتها لها سور محكم من الحجر المنحوت.

أحدثها هشام بن عبد الملك لمّا وقع الطاعون بأرض الشام. ليس بها نهر ولا عين، وآبارهم بعيدة العمق رشاؤها مائة وعشرون ذراعا وهي ملح. وشربهم من الصهاريج داخل المدينة، وقد تفرغ الصهاريج في أثناء الصيف، فيأخذون الماء من الفرات، وبينهما أربعة فراسخ. ولبني خفاجة عليهم مال يؤدونه صاغرين.

وصنعة أهلها عمل الأكسية والجوالق والمخالي، منها تحمل إلى سائر البلاد. وكان هشام بن عبد الملك يفزع إليها من البقّ في شاطئ الفرات

<<  <   >  >>