للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يداف منه وزن دانق في ماء فيشربه الملسوع فيسكن في الوقت ألمه.

وفيه أعجوبة أخرى، وذلك انّه ان بيع منه شيء لم ينتفع به صاحبه، ويبطل عمله.

[قرطبة]

مدينة عظيمة في وسط بلاد الأندلس. كانت سرير ملك بني أميّة، دورتها أربعة عشر ميلا وعرضها ميلان، على النهر الأكبر الذي يعرف بوادي الكبير وعليه جسران.

ومسجدها الجامع من أكبر مساجد الإسلام وأجمعها لمحاسن العمد والبنيان، طوله أربعمائة ذراع وعرضه ثلاثمائة، وعمده ورخام بنيانه بفسيفساء وذهب، وبحذائه سقايات وحياض فيها من الماء الرضراض.

وبها كنيسة الأسرى، وهي مقصودة معتبرة عند النصارى؛ قال العذري:

إن المسلمين همّوا بفتح قرطبة فأسروا راعيا من رعاتها وسألوه عنها، فذكر أنّها حصينة جدّا إلّا أن فيها ثغرة فوق باب القنطرة. فلمّا جنّهم الليل ذهبوا إلى تلك الثغرة ودخلوا منها، وجاؤوا إلى باب المدينة الذي يقال له باب القنطرة، وقتلوا الحراس وفتحوا الباب ودخلوا المدينة. فلمّا علم صاحب قرطبة أن المسلمين دخلوا خرج مع وجوه المدينة وتحصّن بهذه الكنيسة، فحاصرهم المسلمون ثلاثة أيّام. فبينا هم كذلك إذ خرج العلج على فرس أصفر هاربا حتى أتى خندق المدينة، فتبعه أمير المسلمين واسمه مغيث. فلمّا رأى مغيثا حرّك فرسه فسقط واندقّت رقبته فأسره مغيث ورجع إلى بقيّة العلوج فأسرهم وقتلهم، فسميّت الكنيسة كنيسة الأسرى.

وبها جبال معدن الفضّة ومعدن الشادنج، وهو حجر يقطع الدم، ومعدن حجر التوتيا ومعدن الشبوب، وتجلب من قرطبة بغال قيمة واحد منها تبلغ خمسمائة دينار لحسن شكلها وألوانها، وعلوّها وصحّة قوائمها.

<<  <   >  >>