قالوا: سرى لسبيله المتوكّل … فالسّرو يجري والمنيّة تنزل
ما سربلت إلّا لأنّ إمامنا … بالسّيف من أولاده متسربل
فقتل المتوكّل على يد مماليكه قبل وصول السرو، والفأل على ما جرى.
[كندر]
قرية من قرى خراسان كثيرة الخيرات وافرة الغلّات، ينسب إليها الوزير أبو نصر الكندري. كان وزيرا ذا رأي وعقل استوزره السلطان طغرلبك السلجوقي. ولمّا ملك الملوك السلجوقية خراسان وأخذوها من ملوك بني سبكتكين، لم يجسر أحد أن يدخل معهم خوفا من سلاطين بني سبكتكين. فابتدأ أبو نصر الكندري فاستوزره طغرلبك، وكان قد هجاه أبو الحسن الباخرزي بأبيات أوّلها:
أقبل من كندر مسخرة … للشّؤم في وجهه علامات
فطلب أبا الحسن وأحسن إليه وولّاه وقال: إني تفاءلت بشعرك، كان أوله أقبل. إلّا أنّه كان شيعيّا غاليا متعصّبا، وكان السلطان معتزليّا فأمر بلعن جميع المذاهب يوم الجمعة على المنبر، فشقّ ذلك على المسلمين، وفارق إمام الحرمين نيسابور وذهب إلى مكّة، وكذلك الأستاذ أبو القاسم القشيري، ودخل على الناس من ذلك أمر عظيم وأثار همّة صلحاء المسلمين. كانت أيّام طغرلبك أيّاما قلائل، مات وقام مقامه ابن أخيه ألب أرسلان بن داود.
واستوزره نظام الملك الحسن بن عليّ بن إسحاق، وقبض على الكندري وقتله سنة ستّ وخمسين وأربعمائة، وانقطع لعن المسلمين على رؤوس المنابر، وعاد أرباب الدين إلى أماكنهم وشكروا اللّه تعالى.