قلعة بطبرستان من عجائب الدنيا؛ قال الأبيّ: هي تناطح النجوم ارتفاعا وتحكيها امتناعا حتى لا تعلوها الطير في تحليقها، ولا السّحب في ارتفاعها، فتحتفّ بها الغمام وتقف دون قلتّها، ولا تسمو عليها، فيمطر سفحها دون أعلاها، والفكر قاصر عن ترتيب مقدمات استخلاصها.
[الكوفة]
هي المدينة المشهورة التي مصرّها الإسلاميّون بعد البصرة بسنتين، قال ابن الكلبي: اجتمع أهل الكوفة والبصرة وكلّ قوم يرجّح بلده فقال الحجّاج:
يا أمير المؤمنين، إن لي بالبلدين خبرا؛ قال: هات غير متهم! قال: أمّا الكوفة فبكر عاطل لا حلي لها ولا زينة، وأمّا البصرة فعجوز شمطاء بخراء دفراء أوتيت من كلّ حلي وزينة! فاستحسن الحاضرون وصفه إيّاهما.
قال ابن عبّاس الهمداني: الكوفة مثل اللهاة من البدن يأتيها الماء بعذوبة وبرودة، والبصرة مثل المثانة يأتيها الماء بعد تغيّره وفساده.
ولمسجدها فضائل كثيرة، منها ما روى حبة العرني قال: كنت جالسا عند عليّ فجاءه رجل وقال: هذا زادي وهذه راحلتي أريد زيارة بيت المقدس! فقال له: كل زادك وبع راحلتك وعليك بهذا المسجد، يريد مسجد الكوفة، ففي زاويته فار التنور، وعند الأسطوانة الخامسة صلّى إبراهيم، وفيه عصا موسى وشجرة اليقطين ومصلّى نوح، ﵇. ووسطه على روضة من رياض الجنّة، وفيه ثلاث أعين من الجنّة، لو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه حبوا.
بها مسجد السهلة؛ قال أبو حمزة الثّمالي: قال لي جعفر بن محمّد الصادق:
يا أبا حمزة، أتعرف مسجد السهلة؟ قلت: عندنا مسجد يسمّى مسجد السهلة.
قال: لم أرد سواه! لو أن زيدا أتاه وصلّى فيه واستجار فيه بربّه من القتل