مدينة مشهورة بما وراء النهر قصبة الصغد؛ قالوا: أوّل من أسّسها كيكاوس ابن كيقباذ، وليس على وجه الأرض مدينة أطيب ولا أنزه ولا أحسن من سمرقند.
عن أنس بن مالك أنّه قال: مدينة خلف نهر جيحون تدعى بسمرقند، لا تقولوا لها سمرقند ولكن قولوا المدينة المحفوظة. فقالوا: يا أبا حمزة وما حفظها؟ قال: أخبرني رسول اللّه، ﷺ، أن مدينة خلف النهر تسمّى المحفوظة لها أبواب، على كلّ باب خمسة آلاف ملك يحفظونها، وخلف المدينة روضة من رياض الجنّة، وخارج المدينة ماء حلو عذب من شرب منه شرب من ماء الجنّة، ومن اغتسل به خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، ومن تعبّد فيها ليلة يقبل منه عبادة ستّين سنة، ومن صام فيها يوما فكأنّما صام الدهر، ومن أطعم فيها مسكينا لا يدخل الفقر منزله أبدا.
حكي أن شمر بن افريقيش بن أبرهة جمع جنوده خمسمائة ألف رجل، وسار نحو بلاد الصين، فلمّا وصل إلى الصغد عصى عليه أهل تلك البلاد، وتحصّنوا بسمرقند، فأحاط بها من جميع الجهات وحاصرها، فلم يظفر بها. وسمع أن ملكها أحمق وله ابنة تدبّر أمر الملك، فأرسل إليها هدية عظيمة وقال:
إني إنّما قدمت هذه البلاد لأتزوّج بك، ومعي أربعة آلاف صندوق ذهبا وفضّة أدفعها إليك وأمضي إلى الصين، فإن ملكت كنت امرأتي وإن هلكت فالمال لك! فأجابته إلى ذلك فأرسل إليها أربعة آلاف صندوق فيها أربعة آلاف رجل، ولسمرقند أربعة أبواب إلى كلّ باب ألف صندوق، وجعل العلامة بينهم ضرب الجرس. فلمّا دخلوا باب المدينة ضربوا الجرس، فخرج الرجال وملكوا الأبواب حتى اتّصل بهم جنود شمر وملكوا المدينة ونهبوها، وقتلوا وهدموا فسمّيت شمركند، فعرّبته العرب وقالوا: سمرقند. ثمّ سار شمر نحو الصين