مدينة كبيرة بقومس بقرب دامغان. من عجائبها انّه لا يرى بها عاشق من أهلها، وإذا دخلها من به عشق فإذا شرب من مائها زال عنه ذلك! وأيضا لم ير بها رمد قطّ، وماؤها يزيل البخر إذا شرب على الريق، وإن احتقن به يزيل بواسير الباطن. والعود لا رائحة له بها ولو كان من أجود العود، وتذكو بها رائحة المسك والعنبر وسائر أصناف الطيب، ودجاجها لا يأكل العذرة. وبها حيّات صغار وثّابات.
ينسب إليها سلطان العارفين أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي صاحب العجائب؛ قيل له: ما أشدّ ما لقيت في سبيل اللّه من نفسك؟ قال: لا يمكن وصفه. فقيل: ما أهون ما لقيت نفسك منك في سبيل اللّه؟ قال: أمّا هذا فنعم.
دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني، فمنعتها الماء سنة. وحكي أن أبا يزيد رأى في طريق مكّة رجلا معه حمل ثقيل، فقال لأبي يزيد: ما أصنع بهذا الحمل؟ فقال له: احمله على بعيرك واركب أنت فوقه. ففعل الرجل ذلك وفي قلبه شيء، فقال له أبو يزيد: افعل ولا تمار، فإن اللّه هو الحامل لا البعير! فلم يقنع الرجل بذلك فقال أبو يزيد: انظر ماذا ترى؟ فقال: أرى نفسي والحمل يمشي في الهواء والبعير يمشي فارغا. فقال له: أما قلت لك إن اللّه هو الحامل فما صدقت حتى رأيت!
وحكي انّه سمع أن بعض مريديه شرب الخمر، فقال له: اخرج معي حتى أعلّمك شرب الخمر! فخرج معه فأدخله بعض المواخير وشرب جميع ما في دنانها، ثمّ تنكّس فجعل رأسه على الأرض ورجليه نحو الهواء، وقرأ القرآن من أوّله إلى آخره وقال للمريد: إذا أردت شرب الخمر فهكذا!
مات سنة إحدى وستّين ومائتين ببسطام، وكان له هناك مشهد مزار متبرّك به، وذكر بعض الصوفية ان من نام في مشهد أبي يزيد، فإذا استيقظ يرى نفسه خارجا من المشهد.