مدينة مشهورة بأرض الجزيرة بقرب الموصل ونصيبين، في لحف جبل عال، وهي طيّبة جدّا كثيرة المياه والبساتين والعمارات الحسنة كأنّها مختصر دمشق، وما رأيت أحسن من حماماتها. بيوتها واسعة جدّا وفرشها فصوص، وكذلك تأزيرها، وتحت كلّ أنبوبة حوض حجرية مثمنة في غاية الحسن، وفي سقفها جامات ملونة الأحمر والأصفر والأخضر والأبيض على وضع النقوش، فالقاعد في الحمّام كأنّه في بيت مدبّج.
قال أحمد الهمذاني: إن سفينة نوح، ﵇، نطحت جبل سنجار بعد ستّة أشهر وثمانية أيّام، فطابت نفسه، ﵇، وعلم أن الماء أخذ في النضوب فقال: ليكن هذا الجبل مباركا! فصارت مدينة طيبة كثيرة الأنهار والأشجار والنخل والأترج والنارنج.
وحكي أن جارية السلطان ملكشاه ضربها الطلق بأرض سنجار فقال المنجّمون:
إن كان وضعها لا يكون اليوم يكون ولدها ملكا عظيما! فأمر السلطان أن تجعل معلّقة، ففعلوا فولدت السلطان سنجر، فسمّوا المدينة باسمه، وكان ملكا عظيما كما قالوا.
وبقرب سنجار قصر عبّاس بن عمرو الغنوي والي مصر. كان قصرا عجيب العمارة مطلّا على بساتين ومياه كثيرة، من أطيب المواضع وأحسنها. وكان بعد العبّاس ينزل بها الملوك لطيب مكانها وحسن عمارتها؛ حكى عمران بن شاهين قال: نزلنا بها مع معتمد الدولة قرواش بن المقلد فرأينا على بعض حيطانها مكتوبا:
يا قصر عبّاس بن عمرو … كيف فارقك ابن عمرك؟
قد كنت تغتال الدّهور … فكيف غالك ريب دهرك؟
واها لعزّك! بل لجودك … بل لمجدك بل لفخرك!
كتبه عليّ بن عبد اللّه بن حمدان بخطّه سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، وهو