وحكي أنه استقرض شيخ القرية من فخر المعالي شيئا من الحنطة، فقال فخر المعالي: ابعث إليك. فبعث إليه أحمالا من البعر! فلمّا كان وقت النيروز وعادتهم ان الاكرة يحملون إلى الدهخدا هدايا، من جملتها سلال فيها أقراص مدهونة وكليجات وجرادق، فبعث شيخ القرية في السلال أقراصا من السرجين، فلمّا رآها فخر المعالي غضب. قال له شيخ القرية: يا مولاي، لا تغضب، انها من الحنطة التي بعثتها إليّ! ولهم مثل هذا تظارف كثيرة يعرفها أهل قزوين وبهذا مقنع.
النّعمانيّة
بليدة بين بغداد وواسط، كثيرة الخيرات وافرة الغلّات، ولها قرى ورساتيق. بناها النعمان بن المنذر بن قيس بن ماء السماء. سكنها زمانا رافئ الحال فارغ البال في أيّام الأكاسرة إلى أن قضى اللّه تعالى ما شاء.
وصلت ذات مرّة إليها فنزلت في جامعها، فاجتمع علينا من النمل الكبير الأسود شيء كثير، فقال بعض أهلها: نصف البلد هكذا، والنصف الآخر لا يوجد فيه شيء منها.
وحكي أن النعمان كان له صاحبان: أحدهما عديّ بن يزيد العبادي. والآخر الربيع بن زياد. والربيع كان أقرب إليه حتى كان يأكل معه في قصعة واحدة، فحسدهما الحاسدون. أمّا الربيع فرموه بالبرص لأن النعمان كان شديد التنفّر من البرص. كتبوا إليه: يا ابن الملوك السادة الهبنقعه، الضاربين الهام تحت الخيضعه، مهلا أبيت اللعن لا تأكل معه! ان استه من برص ملمّعه، وانّه يدخل فيه إصبعه. كأنّه يطلب شيئا ضيّعه! فأبعده النعمان وتنفّر منه أشدّ التنفّر، فقال الربيع: أبيت اللعن! لا تسمع كلام الأعداء وقل لمن يبصرني ويجرّبني! فقال النعمان: