للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فبعثوا المال مع ثلاثمائة رجل لتسلّم الحصن وأخروا الشيخ عندهم. فلمّا وصل المال إلى المسلمين قبضوه وقتلوا بعض الرجال وأسروا آخرين، وباعوهم بمال آخر وبالشيخ وولديه، وحصل الحصن والمال للمسلمين وقتل كثير من الروم.

مرّيسة

قرية بمصر من ناحية الصعيد. تجلب منها الحمر المريسية، وهي من أجود حمر مصر وأمشاها وأحسنها صورة وأكبرها، تحمل إلى سائر البلاد للتحف، ليس في شيء من البلاد مثلها، والبلاد الباردة لا توافقها فتموت فيها سريعا.

وينسب إليها بشر المريسي المعتزلي. كان في زمن المأمون وزعم انّه يبين ان القرآن مخلوق وكلّ من شاء يناظره فيه. وكان دليله أن القرآن لا يخلو امّا أن يكون شيئا أو لم يكن، لا جائز أن يقال إن القرآن ليس بشيء لأنّه كفر، فتعيّن أن يكون شيئا، وقد قال تعالى: اللّه خالق كلّ شيء. فيكون خالقا للقرآن أيضا.

وقد غلب الناس بهذا وقبلوا منه وصاروا على هذا، فاتّصل هذا الخبر إلى مكّة إلى عبد العزيز المكّي، فقام قاصدا لبغداد لدفع هذه الغمّة، وسأل المأمون أن يجمع بينه وبين بشر بن غياث، فجمع بينهما وجرى بينهما مناظرات حاصلها أن عبد العزيز قد حجّه بدليله وقال: الإلهية شيء أو ليس بشيء، لا جائز أن يقال ليس بشيء لأنّه كفر، فتعيّن أن يكون شيئا؛ قال اللّه تعالى لبلقيس: وأوتيت من كلّ شيء، ينبغي أن تؤتى الإلهية فدليلك يدلّ على أن بلقيس إلاهة، فما ظنّكم بدليل يدلّ على أن المخلوق إله؟ فقيل لعبد العزيز: هذا نقض حسن، فما معنى قوله تعالى: اللّه خالق كلّ شيء؟ قال: معناه اللّه خالق كلّ شيء قابل للخلق والايجاد، والقديم غير قابل للخلق والايجاد، وكذلك قوله تعالى: وأوتيت من كلّ شيء، معناه كلّ شيء يحتاج إليه الملوك. فترى أوتيت الإلهية والنبوة والذكورة كلّها أشياء. فاستحسن المأمون ذلك ورجع القوم عن الاعتقاد الفاسد، وقام المريسي محجوجا خائبا.

<<  <   >  >>