وقال: مرضها العشق! فأنكرت المرأة. قال أبو عليّ: إن شئتم أعيّن لكم من تعشقه! اذكروا أسامي من يكون صالحا لذلك، وأنا أجسّ نبضها! فلمّا ذكروا اسم معشوقها اضطرب نبضها وتغيّر حالها، فعرف ذلك منها. قالوا:
فما علاجها؟ قال: ان العشق تمكّن منها تمكّنا شديدا، إن لم تزوّجوها تتلف!
فاشتهر عند أهل همذان انّه طبيب جيّد، حتى جاء ناس من بخارى خدموا لأبي عليّ خدمة الملوك. فسأل أهل همذان عنهم فقالوا: هذا أبو عليّ بن سينا.
فعرف بهمذان، وذكروا أن شمس الدولة صاحب همذان كان مبتلى بالقولنج، فعالجه أبو عليّ، فاستوزره شمس الدولة فبقي في وزارته مدّة، وكانت دولة آل بويه متزلزلة بين أولاد الأعمام يحارب بعضهم بعضا، فلقي من الوزارة تعبا شديدا حتى نهب داره وكتبه. فلمّا مات شمس الدولة وجلس ابنه مكانه، استعفى أبو عليّ عن الوزارة واتّصل بعلاء الدولة صاحب أصفهان، وكان ملكا حكيما أكرم مثواه، وكان عنده إلى أن فارق الدنيا سنة ثمان وعشرين وأربعمائة عن ثمان وخمسين سنة ودفن بهمذان.
[الموت]
قلعة حصينة من ناحية روذبار بين قزوين وبحر الخزر على قلّة جبل، وحولها وهاد لا يمكن نصب المنجنيق عليها ولا النشّاب يبلغها. وهي كرسي ملك الإسماعيليّة؛ قيل: ان بعض ملوك الديلم أرسل عقابا للصيد وتبعها، فرآها وقعت على هذا الموضع فوجده موضعا حصينا، فاتّخذه قلعة وسمّاها إله أموت أي تعليم العقاب بلسان الديلم. ومنهم من قال: اسم القلعة بتاريخها لأنّها بنيت في سنة ستّ وأربعين وأربعمائة وهي م و ت.
ينسب إليها حسن الصبّاح داعي الباطنيّة، وكان عارفا بالحكمة والنجوم والهندسة والسحر، ونظام الملك كان يكرمه لفضله، فقال يوما بطريق الفراسة:
عمّا قريب يصل هذا جمعا من ضعفاء العوام! فذهب الصباح إلى مصر ودخل