هم أمّة عظيمة من الترك، بلادهم متاخمة لبلاد الصقالبة، حكى المقدسي أنّهم في جزيرة وبيئة تحيط بها بحيرة، هي حصنهم وتمنع عنهم عدوّهم.
قال أحمد بن فضلان في رسالته: رأيت الروسية وقد وافوا بتجاراتهم على نهر آتل، فلم أر أتمّ بدنا منهم كأنّهم النخل، شقر بيض، لهم شريعة ولغة مخالفة لسائر الترك، لكنهم أندر خلق اللّه، لا يتنظّفون ولا يحترزون عن النجاسات. ومن عادة ملكهم أن يكون في قصر رفيع كبير، ومعه أربعمائة رجل من خواصّه أهل الثقة عنده يجلسون تحت سريره. وله سرير عظيم مرصّع بالجواهر يجلس معه عليه أربعون جارية لفراشه، وربّما يطأ واحدة بحضور أصحابه ولا ينزل عن سريره البتّة. فإن أراد قضاء الحاجة يقرب إليه الطشت، وإن أراد الركوب تقرّب الدابّة إلى جنب السرير. وله خليفة يسوس الجيوش ويدبّر أمر الرعيّة ويواقع الأعداء.
ومن عاداتهم أن من ملك عشرة آلاف درهم اتّخذ لزوجته طوقا من ذهب، وإن ملك عشرين ألفا اتّخذ طوقين، وعلى هذا فربّما كان في رقبة واحدة أطواق كثيرة، وإذا وجدوا سارقا علّقوه في شجرة طويلة، وتركوه حتى يتفتّت!
بلاد الرّوم
هم أمّة عظيمة. وهم سكّان غربي الإقليم الخامس والسادس؛ قالوا:
هم من نسل عيصو بن إسحاق بن إبراهيم، ﵇. بلادهم واسعة ومملكتهم عظيمة، منها الرومية والقسطنطينية. بلادهم بلاد برد لدخولها في الشمال، وهي كثيرة الخيرات وافرة الثمرات كثيرة البهائم من الدواب والمواشي.
وكانوا في قديم الزمان على دين الفلاسفة إلى أن ظهر فيهم دين النصارى.