كانت ذات خيرات وغلات وثمرات، وخربت في محاربة خوارزمشاه محمّد، والخطأ لأنّها كانت على ممرّ العساكر فخربت تلك البلاد الحسنة وفارقها أهلها قبل خروج التتر إلى ما وراء النهر وخراسان. وسمعت أن من عاداتهم قطع الآذان حزنا على موت الأكابر.
ينسب إليها الشيخ عمر الملقب برشيد الدين الفرغاني، رأيته كان شيخا فاضلا كاملا مجمع الفضائل الأدب والفقه والأصول والحكمة، والكلام البليغ واللفظ الفصيح والخطّ الحسن والخلق الطيب والتواضع. كان مدرّسا بسنجار، تأذّى من الملك الأشرف فارق سنجار فلم يلتفت إلى مفارقته، فطلبه المستنصر لتدريس المستنصريّة. فلما ولّاه التدريس بعث صاحب الروم بطلبه، وجاء رسول من عنده إلى بغداد طالبا له فقال المستنصر: أخبروا الملك انّه مدرّسنا، فإن طلبه بعد ذلك بعثناه إليه! قبض في سنة إحدى وثلاثين وستمائة.
[الفسطاط]
هي المدينة المشهورة بمصر، بناها عمرو بن العاص؛ قيل: انّه لمّا فتح مصر عزم الإسكندريّة في سنة عشرين، وأمر بفسطاطه أن يقوّض فإذا يمامة قد باضت في أعلاه فقال: تحرّمت بجوارنا، اقرّوا الفسطاط حتى ينقف وتطير فراخها، ووكل به من يحفظه ومضى نحو الإسكندريّة وفتحها، فلمّا فرغ من القتال قال لأصحابه: أين تريدون تنزلون؟ قالوا: يا أيّها الأمير نرجع إلى فسطاطك لنكون على ماء وصحراء! فرجعوا إليها وخطّ كلّ قوم بها خطّا بنوا فيها وسمّي بالفسطاط.
وبنى عمرو بن العاص الجامع في سنة إحدى وعشرين، يقال: قام على إقامة قبلته ثمانون صحابيّا، منهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة ابن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو ذرّ الغفاري. وهذا الجامع باق في زماننا.
كتب القرآن جميعه على ألواح من الرخام الأبيض بخطّ كوفي بيّن في حيطانه