وبها قنطرة من عجائب الدنيا يقال لها قنطرة خره زاد، وهي أم أردشير الملك، مبنية على واد يابس لا ماء فيه إلا أوان المدود من الأمطار، فإنه حينئذ يصير بحرا عجاجا وفسحته على وجه الأرض أكثر من ألف ذراع، وعمقه مائة وخمسون ذراعا، وقد ابتدئ بعمل هذه القنطرة من أسفلها إلى أن بلغ بها وجه الأرض بالرصاص والحديد. وكلما علا البناء ضيق، وجعل بينه وبين جنب الوادي حشو من خبث الحديد، وصب عليه الرصاص حي صار بينه وبين وجه الأرض نحو من أربعين ذراعا، فعقدت القنطرة عليه حتى استوى أعلاها على وجه الأرض، وحشي ما بينها وبين جنبي الوادي بالرصاص المخلوط بنحاتةالنحاس. وهذه القنطرة طاق واحد عجيب الصنعة محكم العمل، وقد كان المسمعي قد قطعها فمكث دهرا لم يتسع لأحد أن يقوم بإصلاحها، فأضر ذلك بالسابلة. وقد صار إليها أقوام ممن يقربها واحتالوا في قلع الرصاص من حشوها بالجهد الشديد، حتى أعادها أبو عبد الله محمد بن أحمد القمي وزير الحسن بن بويه. فإنه جمع الصناع والمهندسين واستفرغ الوسع في أمرها، فكان الرجال يحطون إليها في الزنابيل بالبكر والحبال، ولم يمكنهم عقد الطاق إلا بعد سنين، فإنه أنفق على ذلك سوى أجرة الفعلة، فإن أكثرهم كانوا من رستاق إيذج وأصفهان مسخرين، ثلاثمائة ألف وخمسون ألف دينار. والآن في مشاهدتها والنظر إليها عبرة للناظرين.
إيرَاوَه
قرية على قلة جبل بقرب طبس، كثيرة المياه والأشجار والبساتين والفواكه.
ولها قلعة حصينة ينسب إليها الشيخ أبو نصر الإيراوي، ﵀. كان صاحب كرامات ظاهرة: ذكر أن أهل القربة سألوه أن يستسقي لهم في محل أصابهم، فسجد لله ودعا، فنبعت عين من الصخر الصلد وتدفقت بماء صاف عذب، وفار فورانا شديدا، فوضع الشيخ يده عليه وقال: اسكن بإذن الله! فسكن.