بساتينهم لا حاجة لهم إلى النواطير، لأن أحدهم لا يقدر أن يعدو على غيره، لأن الرجل إذا أنكر شيئا من بستانه يمشي على آثار القدم، ويلحق سارقه ولو سار يوما أو يومين.
بها نوع من الطير يأتيهم من بلاد الروم يسمّى المرغ، يشبه السلوى، يأتي في وقت معين يصيدون منها ما شاء اللّه ويملّحونها، ويأتيهم أيضا من بلاد الروم على البحر في وقت من السنة جوارح كثيرة الشواهين والصقور والبواشق. وقلّما يقدرون على البازي، وما سواه يصيدونها وينتفعون بها.
جنّابة
بليدة على ساحل بحر فارس سيّئة الهواء رديئة الماء، لا زرع بها ولا ضرع لأن أرضها سبخة، وماءها ملح، رأيتها، ذكروا أنّهم إذا أرادوا ماء عذبا بها حفروا حفيرة كبيرة وطموها بالطين الحرّ يأتون به من غير أرضهم، فإذا طمّوا الحفرة بالطين الحرّ حفروها بئرا فيها يكون ماؤها طيبا. وأهلها لفيف متفرّق من الجور والبدّ والفسق، والفجور فيها أظهر من الصلاة والأذان في غيرها.
ينسب إليها أبو الحسن القرمطي الجنّابي، خرج إلى البحرين ودعا العرب إلى نحلته، فاجتمع عليه خلق كثير وكسر عسكر الخليفة وقتل على فراشه، فقام ابنه سليمان وقتل حجّاج بيت اللّه الحرام، ونهب حلى الكعبة وقلع الحجر الأسود ونقله إلى الأحساء وبقي عندهم إحدى وعشرين سنة، ثمّ ردّوه بمال عظيم.
وظهر في أوّل رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة غلام فاجر، يقال له ابن أبي زكرياء الطمّامي، دعا الناس إلى ربوبيّته، وذاك الغلام الفاجر يأمر بعبادة النار وقطع يد من أطفأ نارا أو لسان من أطفأها بالنفخ. وأمر الغلمان بطاعة طلابهم ومن امتنع أمر بذبحه، ثمّ سلّط اللّه عليه من تولّى إظهاره فذبحه ورجع عن القرمطة.