أخشى قضيّب كرم أن ينازعني … رأس الحطام إذا أسرعت إعدادا
فإن سلمت، وما نفسي على ثقة … من السّلامة، لم أسلم ببغدادا!
وقال محمّد بن عبد اللّه: قدمت من مكّة فلمّا صرت إلى طيزناباد ذكرت قول أبي نواس:
بطيزناباد كرم ما مررت به … إلّا تعجّبت ممّن يشرب الماء
فهتف هاتف أسمع صوته ولا أراه:
وفي الجحيم حميم ما تجرعه … خلق فأبقى له في البطن أمعاء!
[عانة]
بليدة بين هيت والرقّة، يطوف بها خليج من الفرات. وهي كثيرة الأشجار والثمار والكروم، ولها قلعة حصينة، ولكثرة كرومها تنسب العرب إليها الخمر.
وأهل بغداد إذا شاهدوا ظلما قالوا: الخليفة إذا في عانة! لأن البساسيري استولى على بغداد وحمل التائم بأمر اللّه إلى عانة، وخطب باسم خلفاء مصر سنة، فجاء السلطان طغرلبك السلجوقي في سنة أربعين وأربعمائة وحارب البساسيري وقتله، وجاء بالخليفة من عانة وردّه إلى مقرّه ومشى قدام مهده راجلا حتى خاطبه الخليفة بنفسه وقال: اركب يا ركن الدين! وهو أوّل سلاطين السلجوقية وأرفعهم قدرا، وهو الذي انتزع الملك من سلاطين بني سبكتكين.