للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: سمعت الأستاذ ابن العميد وزير آل بويه يقول: كنت أظنّ لا حلاوة في الدنيا فوق الرئاسة حتى شاهدت مذاكرة سليمان الطبراني وأبي بكر الجعابي، فكان الطبراني يغلب الجعابي بكثرة حفظه، والجعابي يغلب الطبراني بزيادة فطنته، حتى ارتفعت أصواتهما ولا يكاد يغلب أحدهما الآخر، إلى أن قال الجعابي:

عندي حديث ليس عند أحد! فقال الطبراني: هاته! فقال: حدّثني أبو خليفة قال: حدّثنا سليمان بن أيّوب. وذكر الحديث فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيّوب ومني سمع أبو خليفة فاسمعه مني حتى يعلو اسنادك! فخجل الجعابي؛ قال ابن العميد: فوددت أن الوزارة للطبراني وانا الطبراني وفرحت له كما فرح هو.

قيل: ان الطبراني ورد أصفهان وأقام بها سبعين سنة، وتوفي سنة ستّين ومائتين عن مائة سنة.

[طرسوس]

مدينة بين أنطاكية وحلب. مدينة جليلة سمّيت بطرسوس بن الروم بن اليقن بن سام بن نوح، ؛ قالوا: لمّا وصل الرشيد إليها جدّد عماراتها وشقّ نهرها. ولها سور وخندق.

قال محمّد بن أحمد الهمذاني: لم تزل طرسوس موطن الزّهّاد والصالحين لأنّها كانت بين ثغور المسلمين، إلى أن قصدها فغفور ملك الروم سنة أربع وخمسين وثلاثمائة في عسكر عظيم، وكان فيها رجل من قبل سيف الدولة يقال له ابن الزيات عجز عن مقاومة الروم، سلّم إليهم على الأمان على شرط أن من خرج منها متاعه لم يتعرّض، ومن أراد المقام مع أداء الجزية فعل. فلمّا دخل الكفّار المدينة خرّبوا مساجدها، وأخذوا من السلاح والأموال ما كان جمع فيها من أيّام بني أميّة، وأخذ كلّ واحد من النصارى دار رجل من المسلمين، ولم يطلق لصاحبها إلّا حمل الخفّ، واحتوى على جميع ما فيها، وتقاعد

<<  <   >  >>