للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ساباط]

بليدة كانت بقرب مدائن كسرى، أصله بلاشاباد يعني عمارة بلاش، وهو من ملوك الفرس، فعربته العرب وقالوا ساباط. ينسب إليها حجّام كان يحجم الناس نسيئة، فإذا لم يأته أحد يحجم أمّه حتى لا يراه الناس بطالا، فما زال يحجمها حتى ماتت، فقالت العرب: افرغ من حجّام ساباط!

وكان كسرى ابرويز ألقى النعمان بن المنذر تحت أرجل الفيل بساباط، لمّا قتل عديّ بن زيد وجاء إلى كسرى مستغفرا، فما قبل توبته؛ قال الشاعر:

فأدخل بيتا سقفه صدر فيله … بساباط والحيطان فيه قوائمه

سامرّا

مدينة عظيمة كانت على طرف شرقي دجلة بين بغداد وتكريت، بناها المعتصم سنة إحدى وعشرين ومائتين، وسبب بنائها أن جيوشه كثروا حتى بلغ مماليكه سبعين ألفا، فمدّوا أيديهم على حرم الناس. وإذا ركبوا انحطم كثير من الصبيان والعميان والضعفاء من ازدحام الخيل، فاجتمع عامّة أهل بغداد ووقفوا للمعتصم وقالوا: قد عمنّا أذى جيوشك! إمّا تمنعهم أو تقلبهم عنّا وإلّا حاربناك بدعاء السحر! فقال: اما تقلّبهم فلا يكون إلّا بتقلّبي، ولكني أوصيهم بترك الأذى، فما زادتهم الوصيّة إلّا زيادة الفساد، فوقفوا له مرّة أخرى وقالوا: إما تحوّلت عنّا وإلّا حاربناك بدعاء السحر! فقال: هذه الجيوش لا قدرة لي بها، نعم أتحوّل وكرامة. وساق من فوره حتى نزل سامرّا وبنى بها دارا وأمر عسكره بمثل ذلك حتى صارت أعظم بلاد اللّه بناء وأهلا. وأنفق على جامعها خمسمائة ألف دينار، وجعل وجوه حيطانها كلّها المينا، وبنى المنارة التي كانت إحدى العجائب وحفر الاسحقي.

وبنى الملوك والأمراء بها دورا وقصورا، وبنى الخلفاء بها أيضا قصورا

<<  <   >  >>