وكان هارون شديد الخلق رابط الجأش فاعتمد في تلك الحالة على نابيه، وأصلهما مجوّف، فانقلعا من أصلهما وأدبر الفيل وبقي النابان في يد هارون، وكان ذلك سبب هزيمة الهند، وغنم المسلمون، فقال هارون في ذلك:
مشيت إليه رادعا متمهّلا … وقد وصلوا خرطومه بحسام
فقلت لنفسي: إنّه الفيل ضاربا … بأبيض من ماء الحديد هذام
فإن تنكإي منه فعذرك واضح … لدى كلّ منخوب الفؤاد عبام
ولمّا رأيت السّيف في رأس هضبة … كما لاح برق من خلال غمام
فعافسته حتى لزقت بصدره … فلمّا هوى لازمت أيّ لزام
وعذت بنابيه وأدبر هاربا … وذلك من عادات كلّ محامي
[مليبار]
ناحية واسعة بأرض الهند تشتمل على مدن كثيرة، بها شجرة الفلفل وهي شجرة عالية لا يزول الماء من تحتها، وثمرتها عناقيد إذا ارتفعت الشمس واشتدّ حرّها تنضمّ على عناقيدها أوراقها، وإلّا أحرقتها الشمس قبل إدراكها، وشجر الفلفل مباح إذا هبّت الريح سقطت عناقيدها على وجه الماء، فيجمعها الناس، وكذلك تشنّجها، ويحمل الفلفل من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وأكثر الناس انتفاعا به الفرنج يحملونه في بحر الشام إلى أقصى المغرب.
[منى]
بلدة على فرسخ من مكّة طولها ميلان، وهي بين جبلين مطلّين عليها، بها مصانع وآبار وخانات وحوانيت تعمر أيّام الموسم، وتخلو بقيّة السنة إلّا ممّن يحفظها.
من عجائبها أن الجمار التي ترمى منذ حجّ الناس إلى زماننا هذا لا يظهر بها