الحمصات؟ بعها منّا! فما زالوا يزيدون في ثمنها حتى بلغ سبعمائة دينار، فبعتها ثمّ انصرفت وعبوري على دير سمعان، فأخرج الحبيس رأسه وقال:
أيّها الحنيفي قد بعت الحمصات بسبعمائة دينار، ولو طلبت سبعة آلاف لأعطوك، وكلّ حمصة لي قوت يوم، فانظر من يكون قيمة قوته كلّ يوم ألف دينار كم تكون قيمته؟ ثمّ أدخل رأسه.
[دير طور سينا]
على قلّة طور سينا، وهو الجبل الذي تجلّى فيه النور لموسى، ﵇، وخرّ موسى صعقا هناك. والدير مبنيّ بالحجر الأسود، وفي غربيّه باب لطيف قدّامه حجر، إذا أرادوا رفعه رفعوه وإذا قصدهم قاصد أرسلوه فانطبق على الموضع، ولم يعرف مكان الباب، وفي داخلها عين ماء. وزعم النصارى أن بها نارا من النار التي كانت ببيت المقدس، وهي نار بيضاء ضعيفة الحرّ لا تحرق، وتقوى إذا أوقد منها السرج، وهو عامر بالرهبان والناس يقصدونه؛ قال فيه ابن عاصم:
يا راهب الدّير ماذا الضّوء والنّور … وقد أضاء بما في ديرك الطّور؟
هل حلّت الشّمس فيه دون أبرجها … أم غيّب البدر عنه فهو مستور؟
دير الطّير
بأرض مصر على شاطئ النيل، بقرب الجبل المعروف بجبل الكهف. وفي هذا الجبل شقّ، فإذا كان يوم عيد هذا الدير يأتي صنف من الطير يقال له بوقير، لم يبق منها واحد إلّا جاء ذلك الشقّ، ويشتدّ عنده صياحها. ولا يزال الواحد بعد الواحد يجعل رأسه في ذلك الشقّ ويصيح إلى أن يتشبّث رأس أحدها بالشقّ فيضطرب حتى يموت، وعند ذلك تنصرف البقيّة إلى السنة القابلة، ولا يبقى هناك منها طائر؛ هكذا ذكر الشابشتي، وهذا دليل الخصب في تلك السنة، وربّما تشبّث على طيرين فيكون الخصب بالغا جدّا.